وعرف بعضهم القضاء بأنه «إرادة الله تعالى المتعلقة بالأشياء»، وقيل:«علمه تعالى للأشياء على ما هي عليه»، وهذا يؤدي إلى ترادفه مع العلم.
وقال بعضهم: إن القضاء «هو الحكم الكلي الإجمالي في الأزل»، والقدر «جزئيات ذلك الحكم وتفاصيله»، ذكره الشيخ زروق عن غيره.
وقد نظم بعضهم معنى القضاء والقدر في أبيات فقال:
إرادة الله مع التعلق … في أزل قضاؤه فحقق
والقدر الإيجاد للأشيا على … وجه معين أراده علا
وبعضهم قد قال معنى الأول … العلم مع تعلق في الأزل
والقدر الإيجاد للأمور … على وفاق علمه المقدور
ومهما يكن فالقضاء داخل في معنى القدر إذا أفرد، وهكذا العكس، فإن جمعا فالذي أراه أن يصرف معنى القضاء إلى الإمضاء والخلق، ومعنى القدر إلى تقدير الأمور على ما تكون عليه أزلا، دل على ذلك قول الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ (٢)﴾ [الأنعام: ٢]، وقوله تعالى: ﴿فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ﴾ [سبأ: ١٤] وغيرهما من الآيات، وقد يراد بالقضاء المقضي، أي الحاصل من فعل الله تعالى، كما في تعوذه ﷺ من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء» (١).
٥ - ويؤخذ من قول الأقفهسي الذي سبق؛ أن الإيمان بالقدر يقتضي اعتقاد أمور أربعة، مع ملاحظة أنه لم يذكر الكتابة، لأنها داخلة في العلم، وهذه الأمور هي:
أ - أن الله علم كل ما هو كائن، فلا يعزب عن علمه شيء، كما قال: ﴿وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (١٢)﴾ [آخر سورة الطلاق]، وقال: ﴿أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ﴾ [آخر سورة فصلت].
(١) متفق عليه: البخاري (٦٦١٦)، ومسلم (٢٧٠٧) عن أبي هريرة.