قال في شرح الواسطية:«والمراد به في لسان الشرع أن الله ﷿ علم مقادير الأشياء وأزمانها أزلا، ثم أوجدها بقدرته ومشيئته على وفق ما علمه منها، وأنه كتبها في اللوح قبل إحداثها».
وقال الراغب:«تقدير الله الأشياء على وجهين: أحدهما بإعطاء القدرة، والثاني بأن يجعلها على مقدار مخصوص، ووجه مخصوص، حسبما اقتضت الحكمة، وذلك أن فعل الله تعالى ضربان: ضرب أوجده بالفعل، ومعنى إيجاده بالفعل أنه أبدعه كاملا دفعة لا تعتريه الزيادة والنقصان، إلى أن يشاء أن يفنيه أو يبدله كالسموات وما فيها، ومنها ما جعل أصوله موجودة بالفعل وأجزاءه بالقوة، وقدره على وجه لا يتأتى منه غير ما قدره، كتقديره في النواة أن ينبت منها النخل دون التفاح،،،».
٣ - وقد اختلف الأشعرية والماتريدية في تعريف القدر، فقالت الأشاعرة:«هو إيجاد الله الأشياء على قدر مخصوص، وتقدير معين، في ذواتها وأحوالها طبق ما سبق به العلم القديم»، انتهى، فهو عندهم صفة فعل، وقالت الماتريدية:«هو تحديد الله تعالى أزلا كل مخلوق بحده الذي يوجد به من حسن وقبح، وغير ذلك»، فهو عندهم تعلق القدرة والإرادة بالحد الذي يوجد
وقال عبد الله بن مقداد الأقفهسي:«الصحيح أنه مجموع ثلاثة أشياء: العلم، والقدرة، والإرادة»، انتهى، يعني أنه مركب من هذه الثلاثة، كما فهمه الشيخ علي الصعيدي في حاشيته، وهذا أقرب كما سترى.
٤ - والذي ورد وجوب الإيمان به إنما هو القدر، وقد علمت معناه، وستعرف إن شاء الله ما يتوقف الإيمان به عليه، وهو شامل لمعنى القضاء، لكن لما كان التعبير يجري بذكر القضاء والقدر معا في بعض كتب العقائد كان من المناسب معرفة المراد من ذكرهما إذا قرنا.
قال الراغب:«القضاء فصل الأمر قولا كان ذلك أو فعلا»، وفي لسان العرب قال الزهري:«القضاء في اللغة على وجوه: مرجعها إلى انقطاع الشيء وتمامه، وكل ما أحكم عمله، أو أتم، أو ختم، أو أدي أداء، أو أوجب، أو أعلم، أو أنفذ، أو أمضى، فقد قضى، ومنه القضاء المقرون بالقدر، والمراد بالقدر التقدير، وبالقضاء الخلق».