علمت أن مشهور المذهب عدم فوات المثليات بحوالة الأسواق، وذكر هنا أن الرباع التي هي الأرض وما يتبعها من بناء لا تفيتها تلك الحوالة، وعللوا ذلك بأن الرباع وسائر العقارات تراد غالبا للقنية لا للتجارة، فلا يطلب فيها كثرة ثمن، ولما كان الأصل في ذوات الأمثال القضاء المثل فلا تفوت بحوالة الأسواق، وأما الأرض المشتراة شراء فاسدا إذا زرعت فليس ذلك بمفيت لها أيضا بل ترد، فإن كان الرد والزرع لم ينضج بعد فعلى المشتري الكراء، والظاهر أنه كراء المثل، وأما إن كان الرد بعد فوات زمن الزرع فلا كراء على المشتري إلحاقا له بقاعدة الخراج بالضمان، فأما إن غرست الأرض فذلك مفيت لها في تفصيل يطلب من الشروح، قال زروق في شرحه: «قاعدة المسألة أن ما كان شأنه أن يتخذ للأسواق كالعروض والحيوان والرقيق تفيته الحوالة، وما شأنه أن (لا؟) يتخذ للأسواق كالرباع والعقار لا تفيته، وما تردد بينهما كالطعام فقولان»، انتهى.
واعلم أن استثناء الرباع من الفوات بحوالة الأسواق اعتمادا على ذلك التعليل لا يتجه، لا سيما في هذا العصر الذي عمت فيه التجارة في العقارات كغيرها، لكن لو علل ذلك الاستثناء باستصحاب الأصل، وهو كون البيع فاسدا فمهما أمكن رده كان ذلك هو المتعين وهو هنا كذلك، لا فرق بين الرباع وغيرها، بخلاف ما إذا بيع أو رهن أو وهب، فقد انسد الطريق إلى التدارك، وقد ذهب ابن وهب إلى فواته بحوالة الأسواق كما في شرح ابن ناجي، قال في مسالك الدلالة عن استثناء الرباع من الفوات بحوالة الأسواق اعتمادا على ما علمت من التعليل:«هي تعليلات فارغة، والحق أن هذه آراء متناقضة متضاربة لا تتمشى مع معقول ولا منقول، وليست من شرع الله ورسوله في ورد ولا صدر»، انتهى.