أن يكون الجمع للمطر غير مقتصر على المغرب والعشاء عنده كما هو المذهب، وسأعود للكلام على الحديث في الجمع للمرض.
والجمع بين المغرب والعشاء جمع تقديم يشرع للمطر الواقع والمتوقع، ويكون للطين مع الظلمة، لا للطين وحدها على المشهور، والرخصة في اللغة السهولة، وفي الشرع «إباحة الممنوع مع قيام السبب المانع»، والممنوع هنا؛ هو تقديم الصلاة على وقتها، أو تأخيرها عنه، والمراد بقيام السبب المانع؛ هو وجوده، وهو هنا إمكان أداء الصلاة في وقتها لولا وجود المشقة بسبب المطر، وقال بعضهم إن هذا الجمع خلاف الأولى، والصواب: أن الجمع أولى أحيانا، لا سيما مع نسيان الناس هذه الرخصة حتى غدت غريبة.
وفي سنن الأثرم عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن قال:«إن من السنة إذا كان يوم مطير؛ أن يجمع بين المغرب والعشاء»، وقول التابعي من السنة؛ وإن اختلف فيه؛ الراجح أنه موقوف، فيكون مما شاع في عصر الصحابة، وحسبك بهم، وروى مالك في الموطإ (٣٢٨) عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا جمع الأمراء بين المغرب والعشاء في المطر جمع معهم»، وكون الجمع للمطر سنة؛ هو رواية ابن عبد الحكم، ومثله ما في المدونة عن ابن القاسم: الجمع ليلة المطر سنة ماضية، ذكر هذا ابن ناجي في شرحه، وظنه مخالفا لقول المؤلف بأن هذا الجمع رخصة، ولا مخالفة، فإن المراد بالسنة أنه مشروع، لا ما اصطلح عليه الناس بإطلاق السنة على ما ليس بواجب، والنقل عن ابن القاسم ذكره ابن ناجي، وهو ليس في المدونة في (جمع الصلاتين ليلة المطر)، أما استشكال وصف هذا الجمع بأنه سنة ورخصة؛ فلا يظهر، فإن المراد بكونه سنة؛ أنه مشروع، وذلك لا ينافي كونه رخصة، كالمسح على الخفين، فليس المراد بالسنة ما يقابل الواجب كما هو مصطلح المتأخرين.
وقد استشكل القرافي الجمع للمطر ذاكرا أن رعاية الأوقات واجبة، وفائدة الجمع تحصيل فضيلة الجماعة، وهي مندوب إليها، فكيف يترك الواجب لأجل تحصيل المندوب؟، ولا يلزم شيء من هذا حيث ثبت الجمع في هذه الشريعة السمحة التي هي يسر كلها ورفع للحرج، ولا يصح أن تضرب لها الأمثال.
ثم ذكر المؤلف صفة الجمع بين المغرب والعشاء، والغرض من التأخير الذي ذكره