﵃ كما رواه الحاكم - وهو صحيح - عن يحي بن سعيد قال:«كنا عند علي بن الحسين فجاء قوم من الكوفيين، فقال علي: يا أهل العراق أحبونا حب الإسلام، فما برح بنا حبكم حتى صار علينا عارا، سمعت أبي يقول: قال رسول الله ﷺ: «يا أيها الناس لا ترفعوني فوق قدري، فإن الله اتخذني عبدا قبل أن يتخذني نبيا».
فأما استشكال طلبنا أن يصلي ربنا على نبينا محمد وآله كما صلى على إبراهيم وآله، مع أن نبينا سيد ولد آدم؛ فللعلماء في توجيه ذلك أقوال منها أن الكاف للتعليل، كقوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ﴾ [البقرة: ١٩٨]، أي أنك يا ربنا صليت على إبراهيم فصل عليه، أو أنها لإلحاق ما لم يشتهر بما اشتهر، يعني حينئذ، وقيل يصلح تشبيه ما هو أعظم بما هو دونه كما في قوله تعالى: ﴿مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ﴾ [النور: ٣٥]، وقيل كان هذا قبل علمه، وقيل قاله تواضعا، والله أعلم.
وأما التعوذ بالله من أربع؛ ففي حديث عائشة عند البخاري أن رسول الله ﷺ كان يدعو في الصلاة:«اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات، اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم»، وجاء الأمر به في حديث أبي هريرة عند مسلم، وأبي داود (٩٨٣) قال ﷺ: «إذا تشهد أحدكم فليقل،،،»، وفي رواية:«إذا فرغ أحدكم من التشهد الآخر فليتعوذ بالله من أربع»، وعذاب القبر يكون للجسد والروح معا، والفتنة الامتحان والاختبار، والمسيح الدجال يظهر قرب قيام الساعة، والدجال كثير الدجل، وهو الكذب، وصف بذلك لتمييزه عن المسيح عيسى بن مريم ﵇، وفتنة المحيا ما يعرض للإنسان مما يفتتن به من عرَض الدنيا والشهوات والجهالات، وفتنة الممات فتنة الموت، وقيل فتنة القبر، وهي غير عذاب القبر المذكور قبلها، والمأثم الإثم، والمغرم الدين.
أما الدعاء في التشهد؛ وقد جاء ما يدل على أنه بعد الاستعاذة من أربع؛ فدليله ما جاء في حديث ابن مسعود الذي رواه البخاري (٨٣٥) وأبو داود، وفيه بعد ذكر لفظ التحيات قول النبي ﷺ:«ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو»، وفي المجموعة قال ابن القاسم