للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نزاع، أما معرفة المفروض من المسنون فهو مرغوب فيه، لكن قد لا يستقر للمكلف فيه قول عالما كان أو متبعا، وقد تقدم الكلام على شيء من هذا، وبينت هناك أن من لم يعرف هذا من هذا وفعل ما كان يفعله النبي كفاه، وقد كان هذا هو الغالب على السلف، كان همهم الاقتداء بالنبي ، حتى تأتي عبادتهم على الوجه المبتغى، وقد جاء ما يؤخذ منه جواز عدم الترتيب أحيانا وهو ما رواه احمد وابو داود عن المقدام بن معديكرب في صفة وضوئه .

وفي كتاب ربنا الأمر بغسل الوجه، واليدين إلى المرافق ومسح الرأس، وغسل الرجلين إلى الكعبين، أما المضمضة والاستنشاق، فيمكن أن يقال عنهما إن الأمر بغسل الوجه يشملهما، كما أن مسح الأذنين يمكن أن يقال عنه إنه داخل في الأمر بمسح الرأس، كما جاء ذلك في قول النبي : «الأذنان من الرأس»، رواه أحمد وأبو داود (١٣٤) والترمذي عن أبي أمامة، وغيرهم عن غيره، وإذا ثبت ذلك أعطيتا حكمه في أمرين: المسح، والوجوب، فإن الشارع إذا بين بأنهما من الرأس، فإن المقصود ليس مجرد الخلقة، بل الحكم.

وفي المدونة: «قال مالك الأذنان من الرأس، ويستأنف لهما الماء، وكذلك فعل ابن عمر»، ولا يحتج على عدم وجوب مسحهما بعدم ذكرهما في بعض الأحاديث التي جاء فيها وصف وضوئه ، فإننا إذا قلنا إنهما من الرأس فذكر مسحه يغني عن إفرادهما بالذكر كما لا يخفى.

وقد ثبت عنه أنه كان يغسل يديه، ويتمضمض، ويستنشق، ويستنثر، ويغسل وجهه، ويغسل يديه إلى المرفقين، ويمسح رأسه بيديه يقبل بهما ويدبر، ويغسل رجليه إذا كانتا عاريتين، وثبت عنه أنه توضأ مرة، ومرتين، وثلاثا، وقد جاء وصف وضوئه في أحاديث عثمان بن عفان، وعبد الله بن زيد بن عاصم، وعلي بن أبي طالب، وابن عباس، والمقداد بن معديكرب، ومعاوية بن أبي سفيان، والربيع بنت معوذ بن عفراء، وأبي أمامة، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وغيرهم ، بعض هذه الأحاديث في الصحيحين وبعضها في السنن.

<<  <  ج: ص:  >  >>