٠٨ - «ومن نذر أن يطيع الله؛ فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه، ولا شيء عليه».
النذر في اللغة الالتزام والإيجاب، ويطلق النذر إطلاقا أعم، فيشمل الطاعة والمعصية، وقد سمي في الحديث نذرا كما علمت، وإطلاقا أخص، وهو المنظور فيه إلى لزوم الوفاء، وعرفه خليل بقوله:«النذر التزام مسلم كلف ولو غضبان، وإن قال إلا أن يبدو لي، أو أرى خيرا منه، بخلاف إن شاء فلان فبمشيئته، وإنما يلزم به ما ندب»، انتهى، يعني التزام فعل شيء مندوب، وقوله ولو غضبان يريد كأن يقول حال غضبه إن فعلت كذا فعلي كذا، ويدخل في نذر الغضب نذر اللجاج أي النذر الحاصل لأجل قطع المرء لجاج نفسه، فهو لازم كذلك، وعرف بأنه:«التزام طاعة بنية قربة»، والالتزام يحصل بذكر النذر، وبقوله لله علي كذا، أو علي كذا من غير ذكر لفظ الجلالة، وخرج بقوله طاعة؛ الحرام والمكروه والمباح، فهذا لا يلزم الوفاء به، وخرج بقوله بنية قربة، التزام الطاعة من غير نية القربة، بل لأجل الامتناع من أمر، كأن يقول إن فعلت كذا فعلي صلاة ركعتين، أو لله علي صوم يوم، أو صدقة بدينار، فهذا يمين على ما تقدم في تعريف ابن عرفة، وجعله بعضهم نذرا، لكنه يلزم الوفاء به عندهم، وإنما الخلاف في التسمبة على ما تقدم في أول هذا الباب.
وقال في الفتح (١١/ ٦٩٧) معرفا النذر: «التزام المكلف شيئا لم يكن عليه، منجزا أو معلقا، وهو قسمان: نذر تبرر، ونذر لجاج، ونذر التبرر قسمان: ما يتقرب به ابتداء، كلله علي أن أصوم كذا، ويلتحق به ما إذا قال لله علي أن أصوم كذا شكرا لله على ما أنعم به علي من شفاء مريضي مثلا، وقد نقل بعضهم الاتفاق على صحته واستحبابه، والثاني ما يتقرب به معلقا بشيء ينتفع به إذا حصل له، كإن قدم غائبي، أو كفاني شر عدوي، فعلي صوم كذا مثلا، ونذر اللجاج قسمان: أحدهما ما يعلقه على فعل حرام، أو ترك واجب، فلا ينعقد في