والإيمان به»، ثم ذكر نصوصا مرسلة ومتصلة من رواية ابن أبي حاتم، وأبي جعفر بن جرير الطبري، وعبد الرزاق، منها ما رواه ابن أبي حاتم عن عبد الله بن مسعود قال:«تلا رسول الله ﷺ هذه الآية، قالوا: يا رسول الله، ما هذا الشرح؟، قال: نور يقذف به في القلب، قالوا يا رسول الله هل لذلك من أمارة تعرف؟، قال: نعم، قالوا: وما هي؟، قال: الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل الموت»، ثم عقب على ما ذكره بقوله:«فهذه طرق لهذا الحديث مرسلة ومتصلة، يشد بعضها بعضا».
وقوله:«فآمنوا بالله: بألسنتهم ناطقين، وبقلوبهم مخلصين، وبما أتتهم به رسله وكتبه عاملين»، هذا مرتب على ما قبله من الهداية بأنواعها، وفيه إشارة إلى ما ينبغي أن يكون عليه المؤمنون الكاملو الإيمان، وأن الإيمان يشمل هذه الأمور الثلاثة التي هي الاعتقاد والقول والعمل، وهو ما عليه أهل السنة والجماعة، ويوافق هذا قوله في الباب الأول من هذا الكتاب عاطفا على ما يجب اعتقاده:«وأن الإيمان قول باللسان وإخلاص بالقلب، وعمل بالجوارح»، لكنه في الترجمة ذكر النطق والاعتقاد فحسب، وقال بعد ذلك:«من ذلك الإيمان بالقلب، والنطق باللسان»، فرأى بعضهم في كلامه تناقضا، أو إرجاء، والحق أن لا تناقض، فإنه في كل موضع من هذه المواضع الأربعة تحدث عن أمر.
ففي المقدمة كان يتحدث عما ينبغي أن يكون عليه المؤمنون الكاملو الإيمان، وبعده تحدث عن مضمون كتابه، وفيه باب خاص بالعقائد، وباقي أبواب الكتاب للأعمال، واعتبر ذلك كله واجبا من الدين، كما قال:«فإنك سألتني أن أكتب لك جملة مختصرة من واجب أمور الديانة مما تنطق به الألسنة، وتعتقده القلوب، وتعمله الجوارح».
وفي ترجمة الباب الأول بين أنه سيذكر أمورا يتعين اعتقادها والنطق بها، وهذا شأن العقائد، فكلمة التوحيد لا إله إلا الله، يعتقد مضمونها وينطق بها، وهناك مايتعين اعتقاده فحسب، ككثير من المسائل التي ذكرها في هذا الباب من صفات الله تعالى، والإيمان بالقدر، وحوض النبي ﷺ.
وفي الموضع الثالث بين مسمى الإيمان، وجعله شاملا للأمور الثلاثة، وفي قوله: