فَاكِهِينَ (٢٧)﴾ [الدخان: ٢٥): ٢٧]، وقال: ﴿وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا (١١)﴾ [المزمل: ١١]، وكما تطلق النعمة على جلب المنافع والمصالح تطلق على دفع المضار والمفاسد، فإن كلا منهما فيه منفعة، ومن الثاني قول الله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ﴾ [إبراهيم: ٦]، وقال تعالى عن رسوله يونس ﷺ: ﴿لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (٤٩)﴾ [القلم: ٤٩]، ومن ذلك اعتبار أن من أصبح آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه بمثابة امتلاكه الدنيا بحذافيرها كما في الحديث الذي رواه الترمذي عن عبيد الله بن محصن الخطمي وحسنه.
وقوله:«ويسر المؤمنين لليسرى»، من جملة الكلام على هداية التوفيق، وهو مأخوذ من قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧)﴾ [الليل: ٥ - ٧]، ومعنى نيسره نسهل له ونوفقه، واليسرى ما لا مشقة فيه ضد العسرى، فكأنها صفة لمحذوف هو المكانة، أو الحالة، وقد فسرت بالجنة، وفسرت بالخير.
وقوله:«وشرح صدورهم للذكرى»، مأخوذ من قوله تعالى: ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ﴾ [الأنعام: ١٢٥]، وقال تعالى: ﴿أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ﴾ [الزمر: ٢٢]، يعني هل يستوي هو وغيره؟، وأراد المؤلف بذلك أن الله تعالى يوفق بفضله من علم منه الخير من عباده، وهو أعلم بهم إلى الأخذ بالأسباب الموصلة إلى الخير، فيشرح الله صدره للحق، ويؤهله للانتفاع بما يسمع من التذكير والمواعظ، قال تعالى: ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (٥٥)﴾ [الذاريات: ٥٥]، وقال: ﴿سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (١٠) وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (١١)﴾ [الأعلى: ١٠ - ١١]، وقال تعالى ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ﴾ [الأنفال: ٧٠]، وقد قيل إن من ثواب الحسنة؛ الحسنة بعدها.
وقد أورد ابن كثير في تفسير قوله تعالى من [سورة الأنعام: ١٢٥]: ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ﴾، قول ابن عباس ﵄ أن المعنى: «يوسع قلبه للتوحيد،