للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّجْدَيْنِ (١٠)[البلد: ١٠]، وقال تعالى: ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (٣)[الإنسان: ٣]، وقال تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الشورى: ٥٢]، وإنما على الرسول البلاغ.

أما الهداية المقابلة للإضلال فهي لا تكون إلا لله تعالى، ولذلك نفاها عن نبيه في قوله: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (٥٦)[القصص: ٥٦] وقال: ﴿أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٩٩)[يونس: ٩٩] وهذه المسألة من كبريات المسائل العقدية، دلت عليها آيات وأحاديث كثيرة، منها أن رسول الله كان يذكرها بين يدي كل كلام ضمن خطبة الحاجة، وما ذلك إلا لأهميتها في عقيدة المسلم، بحيث إن من لم يسلم بها، فقد أنكر المشيئة، واعتقد أنه يقع في ملك الله ما لا يريده، تعالى الله عن ذلك، قال تعالى: ﴿مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ [الأعراف: ١٧٨]، وقال تعالى: ﴿وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا (١٧)[الكهف: ١٧]، وقال تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [البقرة: ٢٧٢]، وسيأتي مزيد كلام على الهداية في شرح العقيدة إن شاء الله.

وقد عطف المؤلف بالفاء قوله «فهدى من وفقه بفضله»، للإشارة إلى أن قبول التنبيه والإعذار، والاتعاظ بالآيات والاعتبار؛ من أسباب الهداية، والإعراض عنها من أسباب الغواية.

وقوله بنعمته أي إنعامه، فإن ما ذكره هنا كله من فضل الله على خلقه وإنعامه عليهم، والنعمة بكسر النون هي الحالة الحسنة، وبناؤها في اللغة بناء الهيئة، وبفتح النون هي التنعم وبناؤها بناء المرة، كما قال ابن مالك:

وفَعلة لمرة كجَلسه … وفعلة لهيئة كجلسه

وقال تعالى ﴿كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٢٥) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (٢٦) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>