[٣٥ - باب في الوصايا والمدبر والمكاتب والمعتق وأم الولد والولاء]
الوصايا جمع وصية، كهدايا وهدية، والوصية اسم مصدر أوصى يوصي إيصاء، ويقال وصى مضعفا يوَصي توصية، قال الحافظ في الفتح (٥/ ٤٣٦)«تطلق على فعل الموصي وعلى ما يوصي به من مال أو غيره من عهد ونحوه، فتكون بمعنى المصدر وهو الإيصاء، وتكون بمعنى المفعول وهو الاسم»، انتهى، وهي أبلغ من مجرد الأمر والنهي، ولذلك كان للتوصية عند حضور الموت أو توقعه - وهو متوقع باستمرار - ما لم يكن لغيره من الأوقات، وقال الأزهري:«الوصية من وصَيت الشيء بالتخفيف أصيه إذا وصلته، وسميت وصية لأن الميت يصل بها ما كان في حياته بعد مماته»، انتهى، يريد استمرار عمله وانتفاعه بماله أو بقوله، وقال في الصحاح:«ووصيت الشيء بكذا إذا وصلته»، انتهى.
وقد حدها ابن عرفة بقوله:«عقد يوجب حقا في ثلث عاقده يلزم بموته أو نيابة عنه بعده»، انتهى، وهذا التعريف يزيد على تعريف الوصية عند الفُراض أعني أصحاب الفرائض، فإنها عندهم «عقد يوجب حقا في ثلث عاقده»، إذ لا صلة للإيصاء على رعاية الطفل، أو تزويج الجارية، أو قبض الدين، ونحو ذلك باستحقاق سهم في التركة، والوصية في اللغة والشرع أعم منها عند الفريقين جميعا.
والمدبر اسم مفعول من دبر فلان غلامه إذا علق عتقه على موته، والمكاتب هو الذي يتعاقد مع مالكه على مال يدفعه له فإذا أتمه صار حرا، والمعتق هو المملوك يعلق تحريره على أجل، أو يعتق جبرا لأجل المثلة، أو لأجل السراية، أو بمجرد الملك، أو في الكفارة، وأم الولد هي الأمة تعتق جبرا بعد موت مالكها إن ولدت منه، أو أسقطت، والمراد بالولاء ولاية العتق لما فيها من صفة التعصيب عند عدم العاصب من النسب،