الاستسقاء في اللغة طلب السقي مطلقا، فالسين للطلب، نحو استنصر واستغفر واستفهم، وقد تأتي السين لغير الطلب كما في استبشر واستحسن، ويقال سقاه، قال تعالى: ﴿وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا﴾ [الإنسان: ٢١]، كما يقال أسقاه، وقال ﷿: ﴿وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا﴾ [المرسلات: ٢٧]، والمراد بالاستسقاء هنا طلب السقي من الله تعالى خاصة، فمن طلب من غيره نزول الغيث فقد أشرك بالله تعالى، وهو لازم فعل الذين إذا قحط المطر عملوا ما يسمونه بالوعدة ونسبوا الطعام إلى شخص يسمونه من أجدادهم أو من غيرهم، فالله الله في دينكم باعباد الله، فإن الذبح عبادة وإن النذر عبادة والمسلمون متفقون على أنه لا يصرف شيء منها لغير الله، وإذا لم تكونوا تقصدون ذلك فلا يخرجكم هذا عن المعصية والمخالفة لأنكم تتشبهون بالمشركين، وتشجعون على ذلك من لا يعلم هذا الأمر الخطير الذي يورد فاعله جهنم وبئس المصير.
وللاستسقاء طرق ثلاثة:
- الأول الدعاء من غير مناسبة خاصة.
- والدعاء في مناسبة شرعية كصلاة الجمعة.
- والصلاة الخاصة بالاستسقاء مع الدعاء.
وقد ثبتت هذه الكيفيات كلها في السنة، ومن الأدلة على النوع الأول حديث عمير مولى آبي اللحم أنه رأى النبي ﷺ يستسقي عند أحجار الزيت قريبا من الزوراء قائما يدعو يستسقي رافعا يديه قبل وجهه، لا يجاوز بهما رأسه»، رواه أحمد وأبو داود (١١٦٨) والسياق له، فهذا استسقاء فيما يبدو غير مصحوب بصلاة، ومن ذلك فعل الصحابة، فقد روى البخاري (١٠١٠) عن أنس ﵁ أن عمر ابن الخطاب ﵁ كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب، فقال:«اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، قال: فيسقون»، وهذا يحتمل أنه مع الصلاة، ويحتمل أنه من غير صلاة،