للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٦٩ - «والصلاة في الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة»

دلّ على هذه الأفضلية حديث عبد الله بن عمر أن النبي قال: «صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة»، رواه مالك وأحمد والشيخان والترمذي والنسائي، والفذ بالذال المعجمة هو المنفرد، وصح أن المضاعفة خمس وعشرون عند مسلم من حديث أبي هريرة، وعند أحمد والبخاري من حديث أبي سعيد، وعند البيهقي من حديث أُبَيّ، وكلها في صحيح الجامع الصغير للألباني ، فتكون من قبيل ما زاده الله إياه من الفضل له ولأمته، فلا مفهوم للعدد، وهذه الأفضلية لا تختص بالمسجد وإن كانت له أفضلية من جهة أخرى، وما ذكره الحافظ في الفتح مما رآه مرجّحا لقصر الفضل على الجماعة في المسجد لا يسلم من النقص، وإثبات المفضولية لصلاة المنفرد يدل على صحتها عند الجمهور، ولا يصح حملها على حالة العذر، والمسألة طويلة الذيل، ومع هذا يقال إنه لا ينبغي للمؤمن أن يتهاون في أداء الصلاة في جماعة في المسجد إن تمكن أو خارجه إن تعذر.

ويذكر هنا ما رواه أبو داود عن أبي سعيد الخدري أن النبي قال: «الصلاة في جماعة تعدل خمسا وعشرين صلاة، فإذا صلاها في فلاة فأتم ركوعها وسجودها بلغت خمسين صلاة»، والفلاة جمع فَلى كحصى هي الأرض المتسعة التي لا ماء فيها، والضمير في قوله: «فإذا صلاها»؛ يحتمل أن يكون المراد منه أنه صلاها في جماعة ويحتمل أنه صلاها منفردا وهو الأولى لأن مرجع الضمير إلى مطلق الصلاة كما قال الشوكاني في نيل الأوطار، وعليه فإن المصلي في الفلاة بالقيد الذي في الحديث يحصل على ألف ومائتين وخمسين درجة، أو على ألف وثلاثمائة وخمسين درجة بحسب أصل مضاعفة الصلاة في جماعة، وقد روى مالك عن يحيى ابن سعيد أنه كان يقول: «من صلى بأرض فلاة صلى عن يمينه ملك وعن شماله ملك، فإذا أذن وأقام الصلاة صلى وراءه من الملائكة أمثال الجبال»، وهذا مرسل صحيح مع أن له حكم الرفع، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>