١٠ - «وإذا انقطع دم النفساء- وإن كان قرب الولادة- اغتسلت وصلت، وإن تمادى بها الدم؛ جلست ستين ليلة، ثم اغتسلت، وكانت مستحاضة تصلي وتصوم وتوطأ».
ولادة المرأة تدعى نفاسا، وإذا وضعت المرأة فهي نفساء بضم النون وفتح الفاء، والجمع نفاس بكسر النون، ويقال نفست المرأة بالبناء للمعلوم والمجهول، فإذا حاضت قيل نفست للمعلوم لا غير، قاله ابن العربي.
ودم النفاس مثل دم الحيض فيما له من الأحكام، وفي عدم التوقيت للأقل منهما، فمتى انقطع دم النفاس؛ كانت المرأة طاهرا، دون التفات للمدة التي استغرقها نزول الدم، لتعليق كتاب الله تعالى النهي عن قربان النسان بالطهر، فإن تمادى بها الدم فهي نفساء ما لم تجاوز ستين يوما، هذه هي الرواية الأولى وهي المشهورة، وعن الإمام رواية أخرى قيل إنه رجع إليها، وهي الاعتماد على قول النساء أشار على ذلك ابن عبد البر في الإستذكار، والظاهر أن أقصى ما تبلغه النفساء أربعون يوما لما جاء عن أم سلمة قالت:«كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله ﷺ أربعين يوما، وكنا نطلي وجوهنا بالورس من الكلف»(١)، الورس نبات أصفر يصبغ به، والكلف بفتحتين شيء يعلو الوجه، بين السواد والحمرة المشوبة بكدرة، فكن يطلين وجوههن بالورس لإخفائه، ومعنى تجلس؛ أنها تكف عن الصلاة وغيرها مما لا يجوز للحائض، وجلوسها هذا كان في عهد التشريع، والنص يدل على شيوعه، وذلك مما تتوفر الدواعي على السؤال عنه فيكون من السنة التقريرية المرفوعة حكما، ومعلوم أن من طهرت قبل تلك المدة فإنها لا تجلس، فيكون المراد
(١) «سنن أبي داود» (٣١١) والترمذي واللفظ له وقال حسن صحيح.