حيضها من شهر لآخر، والحديث فيمن لا تعرف عادتها ولا ميزت الدم، فأحيلت على غالب أمر النساء في الحيض، فتقعد عما تقعد عنه الحيض، ولو لم يوافق ذلك أيام حيضها، ولو لم تكن تحيض بالفعل، ولعل ذلك من الشرع تخفيف عنها، بتنزيل المانع المشكوك في حصوله منزلة الحاصل.
قال الشوكاني في السيل الجرار في توجيه هذه الأحاديث والجمع بينها ما خلاصته؛ أن المبتدأة والناسية لوقتها وعددها؛ ترجع إلى صفة الدم حسب ما وصف في الحديث، فإن كان كذلك؛ فهو دم حيض، وإلا فاستحاضة، فإن لم يتميز لها، بأن اختلفت صفاته، أو جاء على صفة متلبسة؛ رجعت إلى عادة النساء القرائب، فإن اختلفت عادتهن؛ أخذت بالغالب، فإن لم يوجد غالب؛ تحيضت ستة أيام أو سبعة أيام.
أما المعتادة العارفة لوقتها وعددها؛ فترجع إلى عادتها، فإن جاوزتها ولم ينقطع الدم رجعت إلى التمييز، فإن التبست العادة لعارض والتبس التمييز؛ رجعت إلى عادة النساء من قرائبها، فإن اختلفت عادتهن عملت بالغالب، فإن لم يكن غالب؛ تحيضت ستة أيام أو سبعة أيام على غالب ما تحيض النساء.
وذكر ابن تيمية ﵀(١) أن الدم الذي يخرج من فرج المرأة أقسام: ما هو مقطوع بأنه دم مرض، كالدم الذي ينزل من الصغيرة التي لم تبلغ سن المحيض، ومنه ما يقطع بأنه دم حيض، كالدم الذي ينزل من المرأة المعتادة في أيام عدتها، ومنه ما يحتمل الأمرين، والراجح كونه دم حيض، وهو دم المعتادة والمميزة حيث يحكم بأنه كذلك بناء على التمييز باللون أوبعدد الأيام، ودم يحتمل الأمرين، والراجح كونه استحاضة، وذلك حيث يحكم بأنه دم استحاضة عند المميزة والمعتادة، ودم مشكوك فيه لم يترجح فيه أحد الأمرين، وقد نفى وجود هذا القسم، وإن قال به بعض أهل العلم، هذا معنى كلامه مع شيء من الزيادة للتوضيح.