الطلبة وترقيتهم في العلوم فإنه بذلك يحصل تكاثر العلم وتكاثر أهله، فيزداد الدين جمالا والإسلام رونقا، لأن حملة العلم هم نجومه الذين يستضاء بأنوارهم ويهتدون بهديهم»، انتهى، وليس ببعيد أن يقال لقد آل الأمر إلى أن يكون العلم في المرتبة الثانية فأين المثاغرة الآن؟، وأين مدافعة الكفار عن بلاد الإسلام؟، إن الجهاد ما عاد موجودا بالسنان بل بالقلم واللسان، لكنه باق ما قدر المسلمون عليه.
وقد قلت في رسالتي عن الجمعيات مع شيء من التصرف:«أين نحن من الإنفاق الناجز أو الموصى به للعلماء والمتعلمين؟، إن مجتمعنا قد تحول بعد استعادة الاستقلال إلى الإنفاق على بناء المساجد ووقف الأرض لبنائها والوصاة بذلك وكاد ما ذكره الشوكاني ينعدم لعدم وجود الجمعيات العلمية التي يطمئن الناس إلى صرف أموالهم إليها، أو وجود القائمين على التعليم والمدارسة في المستوى الذي كان من قبل، ومن أسباب ذلك أن تحصر الجهة المخولة تلقي الأوقاف والتصرف فيها في هيأة حكومية دون سواها، فيحتاج إلى تغيير هذا الأمر الذي يمنع بعض الناس من الوقف، ثم إلى جهاد البيان بالقول، والبرهان بالفعل، حتى يتغير سلوك الناس، ومما يغيره أن يلمس المؤمنون ثمار أعمال هذه الجمعيات في التعليم والإصلاح بين الناس والنفع العام، سيعلمون حينئذ أن دافعهم إلى الإنفاق على بناء المساجد وهي أعظم مصارف التطوع عندنا ينبغي أن يدفعهم إلى الإنفاق على مشاريع هذه الجمعيات إن لم يكن الإنفاق هنا أعظم فائدة في بعض الأحيان، ولاسيما إذا وضعنا في الحسبان الزخرفة المنهي عنها والمبالغة في علو المنارات وغير ذلك، وقد علمت أن جمعية تشرف على معهد علمي في بعض بلاد الشام ميزانيته السنوية مليونا دولار، أي ما يعادل خمسة عشر مليار سنتيم بعملة بلادنا، فأين نحن من هذا إذا قارنته بجمعية وطنية هامة في بلادي ميزانيتها السنوية لا تتعدى ملياري سنتيم!!، والمقصود مجرد المقارنة، وإلا فإن هذا المبلغ ليس ذا شأن».
الموصى به، وهو كل ما يصح أن يتملكه الموصى له، فلا يصح الإيصاء بمحرم، ولا بما يقصد به المضارة ولو كان غير محظور بأصله، وليس من شرط الموصى به أن يكون معلوما، بل تصح الوصية بالمجهول كالحمل، والثمرة قبل بدو صلاحها، كما سيأتي