٩٤ - «والمساقاة جائزة في الأصول على ما تراضيا عليه من الأجزاء».
الأرض إما أن يستغلها ربها بمفرده، أو يؤجرها، أو يكون العمل فيها مشاركة، وتأجيرها إنما يكون فيما إذا كانت بيضاء، أعني غير مغروسة، أما تأجير المغروسة فالجمهور على المنع منه، لأن فيه بيع الثمرة قبل وجودها، وقد نهينا عن ذلك، والاشتراك في عمل الأرض أنواع ثلاثة: مغارسة ومزارعة ومساقاة، والأخيرة مفاعلة على غير بابها من السقي لأنه معظم العمل المراد من عقدها بحسب الأصل، وقد ذكرها المؤلف عقب القراض لأن في كل منهما الإجارة بجزء مجهول، وعلى هذا الترتيب جرى في الموطإ، لكنهما شرعا للارتفاق وحاجة الناس إلى التعاون على مصالحهم التي لا يستقل بها الواحد منهم، قال في الصحاح:«والمساقاة أن يستعمل رجل رجلا في نخيل أو كروم ليقوم بإصلاحها على أن يكون له سهم معلوم مما تغله»، انتهى.
وهي عند أهل المذهب مستثناة من المخابرة التي هي عندهم كراء الأرض بما يخرج منها في بعض صورها، ومستثناة من بيع الثمرة قبل بدو صلاحها، بل قبل وجودها، ومن الإجارة بالمجهول، والمعول عليه قيام الدليل على جوازها وهو ما رواه البخاري ومسلم وأصحاب السنن الأربعة عن ابن عمر ﵄ أن رسول الله ﷺ عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج من ثمر أو زرع»، والشطر النصف كما جاء مفسرا في حديث ابن عباس ﵄ أن النبي ﷺ أعطى خيبر أهلها على النصف نخلها وأرضها»، رواه أحمد وابن ماجة (٢٤٦٨)، والمراد بالأرض الزرع كما في الذي قبله، وفي سنن ابن ماجة (٢٤٦٣) عن طاوس أن معاذ بن جبل أكرى الأرض على عهد رسول الله ﷺ وأبي بكر وعمر وعثمان على الثلث والربع فهو يعمل به إلى يومك هذا»، وفي الموطإ (١٣٨٧) عن سعيد بن المسيب أن رسول الله ﷺ قال ليهود خيبر يوم الفتح: «أقركم فيها ما أقركم الله ﷿ على أن الثمر بيننا وبينكم».