٢٥ - باب في زكاة العين والحرث والماشية وما يخرج من المعدن، وذكر الجزية،،، الخ
الزكاة: هي الركن الثالث من أركان الإسلام، وهي قرينة الصلاة، منكر وجوبها ليس بمسلم، ومانعها تؤخذ منه قهرا، وهي حق أوجبه الله تعالى في أموال الأغنياء للفقراء وبقية مصارفها، وقد ذكر المؤلف معها الجزية وما يؤخذ من تجار أهل الذمة والحربيين؛ لما بين هذه الأمور من المناسبة.
ومعنى الزكاة في اللغة الزيادة والنماء، يستوي في ذلك الحسيات كالنبات والمال، والمعنويات كنمو الإنسان بالفضائل وصالح الأعمال، وسميت صدقة المال زكاة؛ لأنها تعود بالبركة على المال المزكى، فقد قال النبي ﷺ:«ما نقص مال من صدقة»، وفي المقابل جاء أن الزكاة ما خالطت مالا إلا أهلكته.
ثم إن ما يخرجه المرء من المال ينميه الله تعالى له بمضاعفة الأجر عليه، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلى ما شاء الله، بقدر ما يكون عليه المتصدق من الإخلاص والتثبت، قال الله تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (٢٦١)﴾ [البقرة: ٢٦١]، وقال تعالى: ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٦٥)﴾ [البقرة: ٢٦٥]، ومعنى إنفاقهم تثبيتا من أنفسهم؛ قيل على يقين بالثواب عليها، وقيل: يعلمون أن ما أخرجوا خير مما تركوا.
وتحصل الزكاة أيضا لنفس المزكي بتطهيرها من رذيلة الشح وقسوة القلب، ومن آثارها سلامة قلوب الفقراء على الأغنياء، فيدعون لهم، ويتمنون المزيد من الخير لهم،