قال في االصحاح: يقال: عُهدَتُه على فلان، أي ما أدرك فيه من درك فإصلاحه عليه»، انتهى، والمقصود أن المشتري هو الذي يتحمل تبعة ما يظهر في الشقص الذي اشتراه من عيب يوجب الرد، أو استحقاق، فيرجع الشفيع عليه بثمنه، أو يرده بالعيب عليه، فأنت ترى أن الشفيع هنا قد نزل منزلة المشتري، ونزل مشتري الشقص منزلة البائع، أما عهدة مشتري الشقص فتكون على من باع له، فيرجع عليه بالثمن عند الرد، وهذا الحكم ماض ولو تكرر البيع، فللشفيع الأخذ بأي البيوع شاء، وينتقض ما بعده، ويدفع الثمن لمن بيده الشقص، فلو فرضنا أن الشقص بيع مرتين، وأراد الشفيع الأخذ بالشفعة فإن اتفق الثمنان فلا إشكال، وإن كان الثمن الأول أكثر كعشرين مثلا - وقد أخذ به الشفيع - والثاني عشرة دفع لكل منهما عشرة، وإن كان الثاني هو الأكثر كعشرين مثلا، والأول عشرة - وقد أخذ بالأول - دفع للثاني عشرة ويرجع البائع الثاني على الأول بعشرة، ويقتضي كون العهدة على المشتري أنه إذا استحقها أحد من يد الشفيع أخذها من غير شيء، وعاد الشفيع على المشتري، ورجع المشتري على البائع، وانظر المعونة (٢/ ١٢٧٦).
ويمكن أن يقال إن عهدة الشفيع تقف عند البيع الأول لكونه ليس صحيحا فإن البائع مطالب أن لا يبيع حتى يعرض حصته على مخالطه فيكون هو الذي عليه العهدة لتفريطه، وقد تقدم قول النبي ﷺ:«لا يصلح أن يبيع حتى يعرض على شريكه»، وعبارة لا يصلح تدل على عدم الجواز، فإنه ليس بعد الصلاح إلا الفساد، كما أنه ليس بعد الحق إلا الضلال، وقد وقفت بعد هذا على كلام للشوكاني في السيل الجرار (٣/ ١٨٠) قال: «الشفعة وجد سببها بالعقد الأول فإذا انضم إليها الطلب وبذل ما دفعه للمشتري من الثمن فلا حكم للعقود التي ترتبت على هذا العقد الذي كان هو السبب للشفعة، بل تبطل كلها،