٠٣ - وأكثر ما ينتهي السلام إلى البركة أن تقول في ردك وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته».
يزداد أجر ملقي السلام والراد عليه كلما كان في التحية زيادة، بحيث يرد بمثلها أو بأحسن منها، مما هو مشروع، لما رواه أبو داود عن عمران حصين قال: جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: «السلام عليكم، فرد عليه السلام، ثم جلس فقال النبي ﷺ: «عشر»، ثم جاء آخر فقال:«السلام عليكم ورحمة الله»، فرد عليه فجلس، فقال:«عشرون»، ثم جاء آخر فقال:«السلام عليكم ورحمة الله وبركاته»، فرد عليه فجلس، فقال:«ثلاثون»، وفي رواية لأبي داود زيادة «ومغفرته» في الرابعة، فقال:«أربعون»، ولم تصح، ومراد المؤلف أنه إذا قال المسلم السلام عليكم كان الرد بمثل تحيته المأمور به بأن يقال وعليكم السلام، أو يزيد ورحمة الله، أو يزيد وبركاته، وهو الرد بأحسن منها، فإن أضاف المبتدئ ورحمة الله زاد الراد وبركاته، فإن زادها المبتدئ كان الرد بالمثل لا يزاد عليه، لأنه إلى البركة المنتهى، وقيل يزاد ومغفرته، وقيل تزاد ألفاظ أخرى، وقد روى مالك في الموطإ عن محمد بن عمرو بن عطاء قال: كنت جالسا عند عبد الله بن عباس فدخل عليه رجل من أهل اليمن فقال: «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته»، ثم زاد شيئا مع ذلك أيضا، فقال ابن عباس وهو يومئذ قد ذهب بصره:«من هذا»؟، قالوا:«هذا اليماني الذي يغشاك»، فعرفوه إياه، فقال ابن عباس:«إن السلام قد انتهى إلى البركة»، لكن ينبغي أن ينظر هل معنى كلام ابن عباس أن هذا هو الذي تعارف الناس عليه، فلا يزاد عليه لما فيه من التكلف، أم أن هذا هو حد الشرع فلا يزاد عليه فيكون بدعة، ذكر نحوا من هذا زروق، ثم قال:«وهذا هو الظاهر لأن الزيادة قد وردت عن بعض السلف»، انتهى، وقال ابن رشد:«وقوله ﷾: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾ دليل على جواز الزيادة إذا انتهى المبتدئ بالسلام في سلامه إليها»،