للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يشرع له ذلك، كقاطع الطريق، وكذلك اللاهي بسفره، كمن خرج للصيد على وجه اللهو، بخلاف العاصي في سفره لا به، كالمسافر سفرا واجبا أو مستحبا أو مباحا، يعصي الله تعالى فيه، فهذا يشرع له القصر، وقد أشار إلى ذلك خليل في مختصره بقوله: «سن لمسافر غير عاص به ولاه … »، وعمدة التفريق بين ما يقصر فيه من الأسفار وما لا يقصر فعل النبي ، فإن أسفاره كانت لحج، أو عمرة، أو جهاد، والقياس يقتضي القصر دون تفريق، والعقوبة لا تكون إلا بما شرعه الله ورسوله إذا كانت هي المقصودة بالإتمام، ولعموم قوله تعالى: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ﴾، وقد روى ابن زياد عن مالك القصر في السفر كيفما كان.

والمشهور في المذهب أن القصر سنة مؤكدة آكد من صلاة الجماعة، بل قد صرح في الواضحة بأن الإمام قال: «لا يجوز أن يتم المسافر»، وهذا قد يستفاد منه الوجوب، ومع ذلك قالوا لا يعيد إلا في الوقت لقوة اختلاف الصحابة في ذلك، هكذا علل ابن أبي زيد عدم القول بالإعادة مطلقا.

ولهذا السبب كره اقتداء المسافر بالمقيم، لما يلزم عليه من إتمام الصلاة، وهو آكد في الكراهة من اقتداء المقيم بالمسافر لما فيه من اختلاف نية الإمام عن نية المأموم، وقد أشار إلى ذلك العلامة خليل بقوله: «وإن اقتدى مقيم به؛ فكل على سنته، وكره كعكسه، وتأكد، وتبعه، ولم يعد»، والعمدة عندهم فعل بعض السلف منهم سالم بن عبد الله كما في النوادر (المسافر يتم الصلاة).

وفي كراهة ذلك نظر، فأما اقتداء المقيم بالمسافر؛ فدليله حديث عمران بن حصين: «ما سافر رسول الله سفرا إلا صلى ركعتين حتى يرجع، وإنه أقام بمكة زمن الفتح ثمان عشرة ليلة يصلي بالناس ركعتين ركعتين إلا المغرب، ثم يقول: «يا أهل مكة قوموا فصلوا ركعتين أخريين فإنا قوم سفر»، رواه أحمد والترمذي وحسنه لشواهده كما قال الحافظ، وإلا فإن فيه ضعيفا هو زيد بن جدعان، وفي الموطإ (٣٤٤) أن عمر كان إذا قدم مكة صلى بهم ركعتين، ثم قال: «يا أهل مكة أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر»، والسفر بفتح السين؛ هم المسافرون، ومفرد سَفر هو سافر، كشَرب وصَحب مفردهما شارب وصاحب، وفي الموطإ

<<  <  ج: ص:  >  >>