للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

١٨ - «ولا يخلو رجل بامرأة ليست منه بمحرم ولا بأس أن يراها لعذر من شهادة عليها أو نحو ذلك أو إذا خطبها وأما المتجالة فله أن يرى وجهها في كل حال».

يقال خلا فلان بفلان إذا اجتمع به في خلوة أي انفرد به في موضع خال من الناس بحيث لا يراهما أحد، محجورا كان أو غير محجور، فهذا منهي عنه بين المرأة والرجل غير الزوج والمحرم من نسب أو رضاع أو مصاهرة لأنه ذريعة إلى الفساد، فإن حصل استوجبا العقوبة ولو ادعيا الزوجية ما لم يثبتاها، ومن مكنهما من ذلك مع علمه كأرباب الفنادق والاستراحات ونحوها فهو معين على الإثم والعدوان، وقد قال النبي : «لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم»، وهو في صحيح البخاري عن ابن عباس، وقال النبي : «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم منها، فإن ثالثهما الشيطان»، رواه أحمد عن جابر، ومن عرف بالفجور فلا يجوز للمرأة أن تخلو به ولو كان محرما لها، ومعنى أن الشيطان ثالثهما قوة خواطر السوء في الخلوة مع افتقاد المانع من الإقدام على ما يدعو إليه الطبع، وشأن الشيطان تزيين الفواحش، لكنها تظل كامنة في النفس بخلاف الأمر في الخلوة.

وقد روى البخاري عن أنس بن مالك قال: جاءت امرأة من الأنصار إلى النبي فخلا بها، فقال: «والله إنكم لأحب الناس إلي»، وهذه الخلوة ليست هي المنهي عنها، بل هي التي تكون بمعزل عن الناس بحيث لا يسمعون كلامهما، وهي جائزة للحاجة كالسؤال عن العلم ونحوه متى أمنت الفتنة، ولذا ترجم البخاري على الحديث بقوله: «ما يجوز أن يخلو الرجل بالمرأة عند الناس»، انتهى.

أما قول المؤلف: «ولا بأس أن يراها لعذر … الخ، يريد من غير خلوة، وذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>