للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالرد على أهل الأهواء، يقول الشعر ويجيده، ويجمع إلى ذلك صلاحا تاما، وورعا وعفة»، ونقل عن أبي عبد الله الميورقي قوله: «اجتمع فيه العلم والورع والفضل والعقل»، وعن الداودي: «أنه كان سريع الانقياد للحق»، وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء: «الإمام العلامة القدوة الفقيه، عالم أهل المغرب،،، وكان أحد من برز في العلم والعمل».

وقد شهد له القاضي الباقلاني باتساع علمه في الفروع، وأنه اطلع على شيء من الأصول، وذلك بمناسبة تولّيه الدفاع عنه كما سيأتي في الكلام على محنته.

• محنة ابن أبي زيد:

رغم أن ابن أبي زيد آثر منهج الدعوة إلى الله في هدوء، إلا أنه شارك في شيء من المناقشات والمساجلات في مسائل علمية كثر الكلام عليها في عهده، منها كرامات الأولياء، والاستثناء في قول المرء أنا مؤمن، وغيرها، وقد قال عياض عنها في ترجمة محمد بن سحنون المتوفى سنة (٢٥٦ هـ): «وجرى بين أبي التبان، وابن أبي زيد، والممسي وأبي ميسرة والدراوردي وغيرهم في ذلك مطالبات ومهاجرة، والصحيح في هذا أيضا ما قاله محمد بن أبي زيد: «إن كانت سريرتك مثل علانيتك فأنت مؤمن عند الله، زاد الدراوردي: «وختم لك بذ لك»، انتهى، وسيأتي أن لابن أبي زيد كتابا سماه الرد على أبي ميسرة المارق.

وقد تعرض ابن أبي زيد بسبب ما كان عليه من التزام الاتباع، وبسبب تآليفه التي تعددت أغراضها إلى حملات من المتصوفة، بل ومن بعض أهل الحديث، ممن لم يفهم كلامه على وجهه، وما أكثر ما يلتقي المختلفون على محاربة شخص أخذا بالظِّنَّة والنقول الملفقة، والأخبار الكاذبة، أو بالاعتماد على محتمل الكلام، ومن طالع ما قيل في هذا الأمر، وعلم عناوين الكتب التي ألفت في الرد على ابن أبي زيد، والأعلام الذين انساقوا وراء الحملة عرف حجمها، فاقرأ ما قال عنها القاضي عياض: «ولما ألف كتابه الرد على البكرية ونقض كتاب عبد الرحيم الصقلي بتأليفه الكشف وكتاب الاستظهار ورد كثيرا مما تقلده من خارق العادات على ما قدره في كتابه شنع المتصوفة وكثير من أصحاب الحديث عليه ذلك، وأشاعوا أنه نفى الكرامات، وهو لم يفعل، بل من طالع كتابه عرف

<<  <  ج: ص:  >  >>