مقصده، فرد عليه جماعة من أهل الأندلس وأهل المشرق، وألفوا عليه تواليف معروفة، ككتاب أبي الحسن بن جهضم الهمداني، وكتاب أبي بكر الباقلاني، وأبي عبد الله بن شق الليل، وأبي عمر الطلمنكي في آخرين»، انتهى.
والبكرية - وليس الفكرية كما جاء في بعض الكتب - نسبة إلى أبي القاسم عبد الرحيم بن محمد البكري الصقلي، وهو فقيه صوفي ألف كتاب كرامات الأولياء والمطيعين من الصحابة والتابعين، فرد عليه ابن أبي زيد ما ذهب إليه من قلب الأعيان ورؤية الله في اليقظة وغيرها.
وقال الشيخ زروق:«قالوا: وكان ينكر الكرامات، ثم اختلفوا، هل حقيقة أو حماية للذريعة، وهل رجع أم لا، والله أعلم»، انتهى.
والذي يعرف ابن أبي زيد لا يسعه إلا الجزم باستبعاد أن يكون ممن ينكر الكرامات، وإنما ينكر المغالاة فيها، والاستكثار من التحدث بها، أو الاستناد إليها في دعوى الصلاح، دون التفات إلى مدى التزام مدعيها منهاج السنة النبوية، وكونها لا يتحدى بها كما هو الشأن في المعجزة، وقد تكون مجرد استدراج، وقد وجد من فهم مراده، ووضع كلامه موضعه، فنافح عنه.
قال عياض:«وكان أرشدهم في ذلك وأعرفهم بغرضه ومقداره إمام وقته القاضي أبو بكر بن الخطيب الباقلاني، فإنه بين مقصوده.
قال الطلمنكي: كانت تلك من أبي زيد نادرة لها أسباب، أوجبها التناظر الذي يقع بين العلماء، صح عندنا رجوعه عنها».
قلت: والذي يظهر أنه لم يقع في شيء يحتاج إلى التراجع عنه، والطلمنكي نفسه كان من المناهضين له، ثم لتلميذه أبي بكر المقبري، والله يغفر للجميع.
وقد أغلظ ابن رشد الجد؛ النكير على ابن أبي زيد، لكونه كان يرى صحة رؤية النبي ﷺ في المنام، وينكرها في اليقظة، ويشدد على الرجل الذي يدعيها في اليقظة، وما قاله ابن أبي زيد هو الحق.
ويوضح ما ذكره عياض من موقف الباقلاني ما أورده الونشريسي في المعيار