٣٦ - «ويؤخذ من تجار الحربيين العشر إلا أن ينزلوا على أكثر من ذلك».
روى أبو يوسف في الخراج ص (١٣٥) عن عمرو بن شعيب أن أهل منبج قوم من أهل الحرب وراء البحر كتبوا إلى عمر بن الخطاب: «دعنا ندخل أرضك تجارا وتعشرنا، فشاور عمر أصحاب رسول الله ﷺ في ذلك، فأشاروا عليه به، فكانوا أول من عشر من أهل الحرب».
ونظير هذا ما رواه يحي بن آدم في كتابه الخراج (٦٣٩) عن الحسن قال: كتب أبو موسى إلى عمر ﵁: «إن تجار المسلمين إذا دخلوا دار الحرب؛ أخذوا منهم العشر، قال فكتب إليه عمر: خذ منهم إذا دخلوا إلينا مثل ذلك العشر، وخذ من تجار أهل الذمة نصف العشر، وخذ من المسلمين من مائتين خمسة، فما زاد؛ فمن كل أربعين درهما درهم»، انتهى، وهو في كتاب الخراج لأبي يوسف أيضا وفيه معاملتهم بمثل ما عاملوا به المسلمين، والمقرر أن الذي يؤخذ منهم هو العشر ما لم يصالحوا على أكثر من ذلك كما ذكره المؤلف.
ويختلف أهل الذمة عن الحربيين في خروج كل منهما من أفق إلى أفق، فبلاد الإسلام كلها تعتبر أفقا واحدا بالنسبة للحربيين، فإذا خرجوا من بلادهم إلى بلاد الإسلام؛ أخذ منهم عشر ما معهم من السلع باعوا أو لم يبيعوا، وتركوا وشأنهم يتاجرون في بقية الآفاق، لكن إن شارطهم المسلمون على أكثر من العشر؛ لزمهم إعطاء المشروط، ولا يمكنون من أن يبيعوا للمسلمين ما هو محرم عليهم، كالخمر والخنزير، وغير ذلك، والمشهور جواز تمكينهم من بيع الخمر لغير المسلمين، ولا يجوز تمكينهم من ذلك في أمصار المسلمين التي لا يوجد بها أهل ذمة.