٤٣ - «والرباط في ثغور المسلمين وسدها وحياطتها واجب يحمله من قام به».
الرباط والمرابطة هو المواظبة على الأمر، وهو هنا الإقامة في المواضع التي يخشى أن يدخل منها العدو إلى بلدان المسلمين، لأجل الدفاع عنها إذا هاجمها الأعداء، ووسيلتهم يومئذ الخيل، فما استجد الآن من الوسائل حل محلها، والثغور جمع ثغر هو الفرجة، سمي الموضع الذي يخشى دخول العدو منه بذلك تشبيها له بها لأنها يفضى منها إلى ما وراءها بسهولة، قال الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٢٠٠)﴾ [آل عمران: ٢٠٠]، وقد تقدم الكلام على الرباط في باب الجهاد، وقد اشترط مالك في اعتبار المرء مرابطا أن لا يكون ساكنا في الموضع الذي يرابط فيه، وقد أصبحت الحراسة اليوم عن طريق أجهزة التنصت والرصد، ولم يعد الغزو مقتصرا على تحرك الجيوش واختراق الحدود، بل صار الغزو في الغالب غزو القصف بالطيران والصواريخ بعيدة المدى، مصداقا لتفسير النبي ﷺ القوة التي أمر الله المسلمين بإعدادها بقوله:«ألا إن القوة الرمي»، فمن كان على هذه الأجهزة ساهرا مراقبا يرجى له أجر المرابط بفضل الله تعالى لأنه بدل عنه متى توفر الشرط وهي حراسة أرض المسلمين من الكفار، أما الذي عليه المسلمون اليوم فقتال بعضهم بعضا في الغالب.
وقد كان ابن عمر ﵄ يفضل الرباط على الغزو، وتقدم ما قاله وهو:«فرض الجهاد لسفك دماء المشركين، والرباط لحقن دماء المسلمين فحقن دماء المسلمين أحب إلي من سفك دماء المشركين»، انتهى، يريد سفك دماء المشركين إن لم يجنحوا إلى السلم، قال ابن رشد في المقدمات:«قيل إنما قال ذلك بعد ما دخل الجهاد ما دخله».
وقد جاء في فضل الرباط أحاديث عدة منها قول رسول الله ﷺ: «رباط يوم في