٢٢ - «و البيع على الخيار جائز إذا ضربا لذلك أجلا قريبا إلى ما تختبر فيه تلك السلعة أو ما تكون فيه المشورة».
هذا هو النوع الثاني من الخيار، وهو خيار الشرط، وعرفوه بأنه «بيع وقف بته على إمضاء متوقع»، انتهى، والغرض منه إعطاء المتبايعين أو أحدهما مهلة للتروي، أو الاستشارة، أو اختبار السلعة، فإن كثيرا من الناس لا يحسنون الشراء، ولا يفرقون بين الجيد والرديء، وهو جائز إلا في الصرف وبيع الطعام بالطعام لكون المناجزة فيهما واجبة على ما تقدم، ودليله حديث ابن عمر ﵄ أن رسول الله ﷺ قال:«المتبايعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار»، لفظ مالك في الموطإ (١٣٦٣)، ورواه الشيخان وغيرهما، والغرض من إيراده هنا جملة الاستثناء، وقد ذكر فيه خيار المجلس، ولم يفل به مالك، وقد بين السبب بقوله:«ليس لهذا الحديث عندنا حد معروف، ولا أمر معمول به»، والحديث مما قيل إن مالكا لم يعمل به لمعارضته بعمل أهل المدينة، قال ابن العربي في المسالك (٦/ ١٥٣): «أشار إلى أن المجلس مجهول المدة، ولو شرط الخيار مدة مجهولة لبطل إجماعا، فكيف يثبت حكما بالشرع بما لا يثبت شرطا في الشرع؟، وهذا شيء لا يتفطن له إلا مالك ﵁، وقد ظن بعض المتوسمين بالعلم من الجهلة أن مالكا إنما تعلق فيه بعمل أهل المدينة، وهذه جهالة»، انتهى، والصواب إن شاء الله هو العمل بما دل عليه من خيار المجلس ومن اطلع على ألفاظه ظهر له أن كل ما قيل في تأويله من أهل المذهب لا ينهض.
ويلزم في خيار الشرط أن يضرب المتبايعان لذلك أجلا، فإن لم يفعلا وكان لهم عرف في أمده لا يخالف الشرع حمل عليه، وإلا كان البيع باطلا للغرر، وأحرى لو اشترط الخيار لا إلى مدة معينة، فإن البيع باطل بالإجماع، قال خليل: «وفسد بشرط مشاورة بعيد