٧٩ - «وكل حالف على ترك الوطء أكثر من أربعة أشهر؛ فهو مول».
الكلام هنا عن الإيلاء، وهو في اللغة الامتناع، وهو اليمين أيضا، لأن الامتناع عن الشيء يتقوى باليمين، وهذا المعنى موافق لحقيقة الإيلاء في الفقه، فإنه حلف المسلم المكلف على ترك وطء الزوجة أكثر من أربعة أشهر قصد الإضرار، فخرج بالمسلم الكافر، إلا إذا تحاكموا إلى المسلمين، فينظر في الأمر لرفع الضرر، وخرج بأكثر من أربعة أشهر ما إذا حلف أن لا يطأ أربعة أشهر أو أقل، فلا يدخل في الإيلاء، لكنه لا يلزم منه عدم الإثم إذا كان قصده المضارة، وقد يكون مشروعا إذا رمى به إلى تأديب زوجته لنشوز أو لغيره مما يستدعي ذلك، وقد آلى النبي ﷺ من نسائه شهرا، والظاهر من هذا التوقيت أن المرأة وإن كان لها الحق في الإعفاف بالوطء حسب قدرة الزوج إلا أنها لا تقاضيه فيما كان أقل من ذلك، وضرب تلك المدة؛ من الإصلاح الذي جاء به الإسلام لما كانوا عليه في الجاهلية من قصد إيذاء المرأة بالحلف على عدم قربانها السنة والسنتين كما ورد ذلك عن ابن عباس، وقيد الإضرار يخرج ما إذا آلى من امرأته المرضع ليجنب ولده الضرر المحتمل من الغيلة بكسر الغين، أي مجامعة الرجل زوجته وهي ترضع، وقد هم النبي ﷺ أن ينهى عنها، ويلحق بذلك ما إذا كان لمرض فيه، أو في المرأة، فيحلف ليلزم نفسه، فهذا لا يعتبر موليا، قال مالك في الموطإ (١١٧٨): «من حلف لامرأته أن لا يطأها حتى تفطم ولدها فإن ذلك لا يكون إيلاء، وقد بلغني أن علي ابن أبي طالب سئل عن ذلك فلم يره إيلاء»، وإنما لم يعتبره إيلاء لعدم قصده المضارة، وفيه خلاف، وظاهر كلام المصنف وقوع الإيلاء.
وكل من لزمه الطلاق يلزمه الإيلاء وهو الحر والعبد والسكران والسفيه والخصي إذا لم يكن مجبوبا والشيخ إذا كان فيه بقية نشاط، وفي لزوم الطلاق والإيلاء والظهار