٥ - «وسأفصل لك ما شرطت لك ذكره بابا بابا، ليقرب من فهم متعلميه إن شاء الله تعالى، وإياه نستخير، وبه نستعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على سيدنا محمد نبيه وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا».
اعلم أن تجزئة الكلام إلى فقرات، وأبواب، وفصول، مما يقربه إلى الفهم، ويشجع الدارس على مواصلة الطلب، ولذلك نص المؤلف ﵀ على هذا الأمر وبين فائدته، لكنه وهو يسلك سبيل الاختصار في هذه الرسالة لم يترجم على حدة لكل المسائل التي يترجم لها عادة أصحاب التصانيف، بل أدمج بعض الأبواب مع بعض، كقوله باب في النكاح والطلاق والرجعة والظهار واللعان والإيلاء والخلع والرضاع، فذكر ثمانية أمور في باب واحد، وفعل ذلك في غير هذا الموضع، قال زروق ﵀:«وجملتها ثمانية وأربعون ترجمة، منها بغير لفظ الباب نحو من ثمانية، وباقيها مبوب».
قلت: وما ذكره قريب مما هو مطبوع من هذا المصنف، بل إن شرح زروق نفسه وهو الذي بين عدد التراجم لا يوجد في فهرس شرحه إلا (٤٥) ترجمة، ومثله شرح أبي الحسن والنفراوي.
وقوله:«إن شاء الله»، هذا الإستثناء مطلوب من المؤمن كلما قال سأفعل كذا، كما قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ﴾ [الكهف: ٢٣ - ٢٤]، وهو إنما يشرع في الإخبار عن فعل يستقبل، لا فيما فعل، أو في الطلب، وقد جاء في المرفوع عند الترمذي في المواقيت مع الأمر، فحمله بعض العلماء على أن المراد منه التبرك لا الاستثناء المطلوب.
والاستثناء عند الإخبار بفعل ما يستقبل؛ هو الاستثناء الذي قال عنه عبد الله بن عباس ﵄ إنه يصح أن يأتي به المرء ولو بعد سنة، لأنه إذا نسيه أتى به متى ما ذكره،