بمجيء الفعل والمصدر حق جزاه الله خيرا، وهو يشير إلى حديث أبي هريرة عن النبي ﷺ قال:«إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة»(١) ثم سردها وذكر منها المدبر.
وقد يقال إن هذا من باب الإخبار، وهو أوسع من باب الأسماء التوقيفية كما سبق القول في وصف القديم، لكن تصريح الشارح بقوله: ومنها ينفي أن يكون هذا قصده.
والقدير: قال الراغب القدرة إذا وصف بها فاسم لهيئة بها يتمكن من فعل شيء ما، وإذا وصف بها الله تعالى فهي نفي العجز عنه، ومحال أن يوصف غير الله بالقدرة المطلقة معنى، وإن أطلق عليه لفظا، بل حقه أن يقال قادر على كذا، ومتى قيل قادر فعلى سبيل معنى التقييد، ولهذا لا أحد غير الله يوصف بالقدرة من وجه إلا ويصح أن يوصف بالعجز من وجه، والقدير هو الفاعل لما شاء على قدر ما تقتضي الحكمة، لا زائدا عليه ولا ناقصا عنه، ولذلك لا يصح أن يوصف به إلا الله تعالى، انتهى.
وقوله:«السميع البصير» دال على صفتي السمع والبصر، وقد جمعا في قوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١]، وكثيرا ما يجمع بينهما في القرآن كقوله تعالى: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ [المجادلة: ١]، فجاء وصفه تعالى بالسمع بصيغة الفعل الماضي، وبالمضارع، وبالوصف مقرونا بالبصر، وسمع الله تعالى محيط بكل المسموعات، كما أن بصره محيط بكل المبصرات.
والله تعالى عالم بعلم، سميع بسمع، بصير ببصر، قادر بقدرة، والمعتزلة يقولون إنه سبحانه لا علم له، ولا سمع، ولا بصر، وأنها أسماء أعلام، ويظنون ذلك توحيدا، فيزعمون أنه عالم بذاته، قادر بذاته، وهكذا، وقد حكي عن عمرو بن عبيد رأس المعتزلة في وقته أنه بينما كان يقول إن الله تعالى عالم بذاته، لا بعلم قام به، وقف عليه أعرابي فسمع كلامه، فأنشأ يقول، والقصة وإن كان الوضع باديا عليها إلا أن ما فيها حق، قال:
(١) رواه أبو الشيخ وابن مردويه في التفسير وأبو نعيم في الأسماء الحسنى، وفي سنده من اتفق على ضعفه كما قال الحافظ ابن حجر، ولينظر فيض القدير الحديث (٢٣٦٨)، ولا يخفى أن الأسماء مدرجة، أما الحديث بدون ذكر الأسماء فهو صحيح، بل في الصحيح.