لِغَنَائِهِمْ في الحروب بقتال الأعداء، وجلبهم الغنائم والسبي، ولم يكن للضعيفين وهما الطفل والمرأة من الميراث شيء، والثاني: التبني، إذ كان الرجل يتبنى ولد غيره فيرثه ويثبت له غير ذلك من الحقوق، والثالث: الحلف والعهد، يقول الرجل لغيره دمي دمك، وهدمي هدمك، فيرث الحي منهما الميت، فلما جاء الإسلام أثبت الميراث للرجال وللنساء والأطفال ولو لم يولدوا، وأبطل التبني وما رتب عليه، ولعلّ أول ما جاء في كتاب الله لإبطال ما كان في الجاهلية قول الله تعالى: ﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ﴾ [النساء: ٣٢]، وشرع الميراث بالمؤاخاة والهجرة في أول الأمر، وكانت الحكمة فيه ظاهرة، لأن معظم أقارب المسلمين كانوا كفارا فأحل الشرع محلهم غيرهم، ثم نسخ هذا الحكم، وصار الميراث عند جميع المسلمين لا يكون إلا بالنسب والصهر والولاء، ولينظر هنا الجامع لأحكام القرآن لقرطبي، وتفسير المنار لمحمد رشيد رضا في سورة النساء.
والميراث إما أن يكون بالفرض أو بالتعصيب، والميراث بالفرض مقدم على الميراث بالتعصيب، والفروض المقدرة في كتاب الله ستة هي النصف، ونصف النصف، وربع النصف، والثلثان، ونصفهما، ونصف الثلث، أعني أن هذه الفرائض هي النصف والربع والثمن، والثلثان والثلث والسدس، ولا بأس أن نذكر أصحاب هذه الفروض إجمالا من غير تفصيل، ولا ذكر للقيود والحالات التي ينتقل فيها الوارث من فرض إلى آخر أو يمنع الميراث، على أن يذكر التفصيل أثناء الشرح إن شاء الله.
فأصحاب النصف خمسة، هم الزوج، والبنت الواحدة، وبنت الابن، والأخت الشقيقة الواحدة، والأخت الواحدة من الأب، وأصحاب الربع اثنان، هما الزوج، والزوجة واحدة فأكثر، وأصحاب الثمن جنس واحد، هو الزوجة الواحدة، أو أكثر، وأصحاب الثلثين أربعة، هن البنتان فأكثر، وبنتا الابن فأكثر، والأختان الشقيقتان فأكثر، والأختان لأب فأكثر، وأصحاب الثلث اثنان هما الأم، والأَخَوان لأم فأكثر، لا فرق بين ذكورهم وإناثهم، وأصحاب السدس سبعة هم الأب، والجد، والأم، والجدة، وبنت الابن، والأخت لأب فأكثر، والأخ الواحد لأم، ذكرا كان أو أنثى.