١ - «والمصلي يناجي ربه، فعليه أن يتأهب لذلك بالوضوء أو بالطهر إن وجب عليه الطهر».
التأهب يكون بالباطن والظاهر، أما الأول: فباستحضار المؤمن أنه مقبل على الوقوف بين يدي ربه في أعظم ركن بعد الشهادتين، فينبغي أن يكون خاشعا مخبتا خاضعا راجيا ثواب الله، وذلك ما يتحقق بالنية نية العبادة المعينة، ونية التقرب بالعمل إلى الله تعالى، كما قال: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ [البيِّنة: ٥].
وأما الثاني: فإن الصلاة لا تصح بدون طهارة بإجماع المسلمين، إلا فاقد الطهورين ففي وجوبها عليه وفي إجزائها إن صلاها بدونهما خلاف، والصواب: الإجزاء، ولا إعادة عليه لأن الأوامر منوطة بالاستطاعة فلا يترك المتيسر للمتعذر، ودليله ما ثبت في سبب نزول آية التيمم من صلاة المسلمين حين فقدوا الماء في بعض الغزوات فصلوا، ولم يأمرهم النبي ﷺ بالإعادة (١).
وإنما قيد المؤلف الغسل بما إذا وجب عليه، ولم يقيد الوضوء بذلك، لأن الغسل لا يشرع تجديده، بل قيل إنه من غير موجب بدعة، والمقصود عدم اشتراعه دون سبب شرعي، سواء كان حكمه الإيجاب أو غيره كاستحباب غسل غاسل الميت، وغسل الجمعة عند من لم يوجبه، وغسل العيد والإحرام.
أما الوضوء فإن النبي ﷺ كان يتوضأ لكل صلاة، فلما كان عام الفتح صلى الصلوات كلها بوضوء واحد، ومسح على خفيه، فقال عمر: «إنك فعلت شيئا لم تكن
(١) والحديث بذلك في الصحيح عن عائشة (خ/ ٣٣٦)، وفي المسألة أقوال خمسة.