للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

١٢٨ - «ولا يشفع لمن بلغ الإمام في السرقة والزنا واختلف في ذلك في القذف».

الشفاعة أمر مرغوب فيه كما قال تعالى: ﴿مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا (٨٥)[النساء: ٨٥]، وقد قال مجاهد إنها نزلت في شفاعات الناس بعضهم لبعض»، ومن ذلك الشفاعة للمتهم عند الرافع له إلى الحاكم قبل بلوغ الخبر للحاكم، وذلك لأن الحد لا يثبت بمجرد الفعل، فإن بلغ الأمر الحاكم فلا يجوز العفو ولا ينفع، بل إن النبي قد حض على ذلك بقوله: «تعافوا الحدود فيما بينكم فما بلغني من حد فقد وجب»، رواه أبو داوود والنسائي عن ابن عمرو، وقوله تعافوا أي ليعف بعضكم عن بعض، ويدل على ذلك أيضا حديث صفوان بن أمية قال: «كنت نائما في المسجد على خميصة لي، فَسُرِقَتْ فأخذنا السارق فرفعناه إلى رسول الله ، فأمر بقطعه، فقلت يا رسول الله: «أفي خميصة ثمن ثلاثين درهما؟، أنا أهبها له، أو أبيعها له، قال: «فهلا كان قبل أن تأتيني به»، رواه مالك وأحمد وأصحاب السنن الأربعة إلا الترمذي، وروى مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن الزبير بن العوام لقي رجلا قد أخذ سارقا وهو يريد أن يذهب به إلى السلطان فشفع له الزبير ليرسله، فقال: «لا، حتى أبلغ به السلطان»، فقال الزبير: «إذا بَلَغْتَ به السلطان فلعن الله الشافع والمشفع»، قال ابن عبد البر: «هذا منقطع ويتصل من وجه صحيح»، انتهى، وقال النبي : «اشفعوا تؤجروا فإني لأريد الأمر فأؤخره كيما تشفعوا فتؤجروا» رواه أبو داود والنسائي عن معاوية ، والمشفع هو الذي يقبل الشفاعة، فالشفاعة بعد بلوغ الخبر للسلطان هي من الشفاعة السيئة، وإنما ورد النهي عنها لأن ترك إقامة الحد حينئذ يجرئ على محارم الله، ويؤدي إلى إقامة الحد على بعض الجناة وعدم إقامته على بعضهم، وقد يقتصر الأمر على

<<  <  ج: ص:  >  >>