٠٤ - «واليمين بالله الذي لا إله إلا هو ويحلف قائما، وعند منبر النبي ﷺ في ربع دينار فأكثر، وفي غير المدينة يحلف في ذلك في الجامع، وموضع يعظم منه».
هذا هو اللفظ الذي يحلف به ولو كان الحالف كتابيا على المشهور، ولا يعتبر مسلما بحلفه هذا، فيقول: والله الذي لا إله إلا هو إن لي عند فلان كذا دينارا أو درهما أو غير ذلك من العروض، ودليله ما رواه أبو داود عن ابن عباس ﵄ أن النبي ﷺ قال - يعني لرجل حلفه -: «احلف بالله الذي لا إله إلا هو ما له عندي شيئ»، رواه أبو داود، لكنه ضعيف كما في الإرواء، فإن بلغ المحلوف عليه ربع دينار أو ثلاثة دراهم أو قيمتهما من العروض غلظت عليه اليمين.
والتغليظ يكون بالحال والزمان والمكان واللفظ، وأصله قوله تعالى: ﴿تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ (١٠٦)﴾ [المائدة: ١٠٦]، ولا تغليظ في المذهب بالزمان، والغرض من التغليظ تخويف الحالف حتى لا يحلف إن لم يكن محقا، وذلك بشيئين: أولهما أن يحلف قائما، فلو حلف جالسا لم يجزه على المشهور، بناء على أن التغليظ واجب، فيعد إباؤه القيام نكولا، وقال ابن العربي:«والذي عندي أنه يحلف كما يحكم له بها، إن كان قائما فقائما، وإن كان جالسا فجالسا، إذ لم يثبت في أثر ولا نظر اعتبار ذلك»، انتهى، وثاني ما تغلظ به اليمين أن يحلف في مسجد النبي ﷺ عند منبره، وقد تقدم الكلام على التغليظ به في أول باب الدماء والحدود أثناء الكلام على القسامة، وذكر هناك حديث جابر الذي رواه مالك وغيره.
أما التغليظ بالحلف على المصحف فلم يقل به أهل المذهب، قال ابن العربي: