مثل ظله»، وفيه أيضا:«ثم صلى العصر حين كان ظل كل شيء مثليه»، وفي الحديث أن أول صلاة صلاها به هي صلاة الظهر، وكان ذلك إلى الغد من افتراضها ليلة المعراج، وقوله:«حين أفطر الصائم»؛ معناه غروب الشمس، وفي رواية الترمذي:«حين وجبت الشمس وأفطر الصائم»، أي سقطت، كناية عن الغروب، وقوله:«هذا وقت الأنبياء من قبلك»، قال العلماء: المراد التوسعة في الوقت، لا خصوص الصلوات وأوقاتها، وفيه أن وقت المغرب في اليومين سواء، وسيأتي في الحديث الآتي ما يخالفه.
والحديث الثاني: حديث بريدة أن رجلا سأل النبي ﷺ عن وقت الصلاة، فقال:«صل معنا هذين»، يعني اليومين، فلما زالت الشمس أمر بلالا فأذن، ثم أمره فأقام الظهر، ثم أمره فأقام العصر والشمس مرتفعة بيضاء نقية، ثم أمره فأقام المغرب حين غابت الشمس، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أمره فأقام الفجر حين طلع الفجر، فلما أن كان اليوم الثاني؛ أمره فأبرد بالظهر، فأبرد بها، فأنعم أن يبرد بها، وصلى العصر والشمس مرتفعة، أخرها فوق الذي كان، وصلى المغرب قبل أن يغيب الشفق، وصلى العشاء بعد ما ذهب ثلث الليل، وصلى الفجر فأسفر بها، ثم قال:«أين السائل عن وقت الصلاة»؟، فقال الرجل:«هاأنا يا رسول الله»، قال:«وقت صلاتكم بين ما رأيتم»، رواه مسلم في باب أوقات الصلوات الخمس، والترمذي، وفي روايته قول النبي ﷺ:«أقم معنا إن شاء الله»، وهو استثناء مع الجملة الإنشائية كما ترى، وانظر مرسل عطاء في الموطأ (٢)، وما رواه عن أبي هريرة موقوفا عليه برقم (٨).
وفي الحديث أن للمغرب وقتين كسائر الصلوات، وهو المتعين لأنه زيادة على ما في الحديث الأول، وهو متأخر عنه، لكن المسلمين دأبوا منذ عهد نبيهم ﷺ على المبادرة بصلاة المغرب، فحمل صلاة جبريل ﵇ لها في وقت واحد في اليومين على أولوية التعجيل أولى، وفي المذهب روايتان عن مالك إحداهما في المختصر قال بعد أن ذكر أوقات الصلوات:«ووقت المغرب غيبوبة الشمس: وقت واحد»، وهذه موافقة لما في حديث ابن عباس، قال الباجي:«وهو الذي حكاه عن مالك أصحابنا العراقيون»، والقول الثاني هو المعروف عند المغاربة امتداده إلى الشفق.