العامة لما في ذلك من الاختلاط والتكشف، وإبقاء على حيائها من أن تصرح أمامهم بذلك، قال في الحجة البالغة:«واستبداد النساء بالنكاح وقاحة منهن، منشؤها قلة الحياء، واقتضاب - كذا ولعل الصواب وافتيات - على الأولياء، وعدم اكتراث بهم،،،».
واعلم أن الشارع باشتراطه تولي ولي المرأة إنكاحها ضمن لها صلتها ببيتها الأول، وأحسن نقلتها إلى بيت جديد، فإذا احتاجت إلى الأول بوفاة زوجها أو تطليقها؛ رجعت إليه، والذين يدعونها إلى الزواج من غير ولي، يريدون اجتثاثها من بيت أوليائها، وقطع صلتها بهم، والطلاق أمر محتمل، وصلة الرحم مطلوبة، وكثيرا ما لا تلتقي مع استئثار المرأة بإنكاح نفسها، ومما يترتب على عدم اشتراط الولي فتح المجال للزنا وتغطيته بدعوى الزواج، وقد جرى الاحتيال على ما في قانون الأسرة وهو بقية أحكام الله عندنا في العلاقات بين الناس مرارا ومن ذلك ما أدخل فيه إرضاء لجهات ناكبة داعية لمساواة المرأة بالرجل من أن المرأة تعقد نكاحها «بحضور وليها»، وهذا يعني إلغاء ولاية الولي عليها في النكاح، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ولا بد هنا من الإشارة إلى ما ذكره ابن رشد ﵀ في بداية المجتهد (٢/ ٨ - ١٢)، وبيان ما فيه حسب ما يسمح به المقام، فقد قرر أن الأدلة التي ساقها من قالوا بشرطية الولي وعدم شرطيته؛ ليست نصا فيما ساقوها له، واحتج بأن الولي لو كان شرطا؛ لما أغفل الشارع بيانه، ولذكر مراتب الأولياء، لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، ولعموم البلوى بهذا الأمر، ولأن الناس كانوا يتزوجون في المدينة، وقد كان فيها من النساء من لا ولي لها، ولم ينقل عنه ﷺ أنه كان يعقد أنكحتهم، ولا نصب لذلك من يعقدها، وذكر أن هذا الأمر لو كان شرطا؛ لكان ينبغي أن ينقل نقلا متواترا، أو قريبا من التواتر، وكرره أكثر من مرة، وقرر أن الحديث إذا لم يكن متفقا على صحته؛ فلا يجب العمل به، هذا معنى ما قاله في كتابه عن اختلاف العلماء في شرطية الولي، فارجع إليه.
وما قاله من أن الحديث إذا لم يتفق على صحته لا يجب العمل به؛ مردود لا يحتاج إلى بيان، سواء أراد به اتفاق المسلمين على صحته، أو اتفاق الشيخين، فإن لازم هذا؛ أن كثيرا من الأحكام يسقط وجوب العمل بها، بل تسقط معظم مباحث كتابه نفسه، وهي زلة