الميقات مفرد مواقيت، والتوقيت يكون في الزمان، يقال وقت توقيتا إذا جعل للشيء وقتا، ثم توسع فيه فأطلق على المكان، وكل من أركان الإسلام لها ميقات زماني فحسب، إلا الحج والعمرة فإن لهما ميقاتين زمانيا ومكانيا، والميقات في كلام المصنف؛ اسم مكان، وهو الميقات المكاني للحج، وثمة ميقات زماني له؛ هو الذي بينه الله تعالى في قوله: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾ [البقرة: ١٩٧]، ومشهور المذهب أنه ثلاثة أشهر هي شوال، وذو القعدة، وذو الحجة بتمامه على ظاهر الآية، وهو رواية أشهب، وقال ابن حبيب عن مالك الحج شهران وعشرة أيام، وعلى المشهور؛ فمن أخر طواف الإفاضة إلى ما قبل نهاية شهر ذي الحجة؛ فلا شيء عليه، وعلى القول الآخر عليه هدي، والمذهب أنه يكره أن يتقدم الإحرام على تلك الأشهر لكنه ينعقد حجا، وتعلقوا بقول الله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ﴾ [البقرة: ١٨٩]، فالتحديد على هذا؛ للتيسير لا للاشتراط، فمن أحرم قبل الميقات الزماني؛ فقد أساء بالتشديد على نفسه، وأيد القرطبي في تفسيره عدم انعقاده، وانصرافه إلى عمرة، وهو مذهب الشافعي، لما بين الآيتين من العموم والخصوص، وهذا هو الصواب إن شاء الله.
أما الميقات المكاني؛ فهو الموضع الذي يتعين على مريد الحج والعمرة أن لا يتجاوزه من غير إحرام، أما إن أحرم قبله؛ فقد اختلف فيه، والمذهب انعقاد الإحرام مع الكراهة، قال خليل في بيان حكم الإحرام قبل الميقاتين:«وكره قبله، كمكانه»، يعني يكره الإحرام قبل شوال كما يكره قبل الميقات، فاعتبروا التوقيت المكاني تيسيرا على قاصد الحج، قالوا: والأصل أن يحرم من داره ذكره ابن رشد في المقدمات، مع أن مالكا كره تقديم الإحرام على الميقات، وكلامه للذي أراد أن يحرم من المدينة من عند القبر الشريف