النية محلها القلب، والنطق باسم الصلاة المراد أداؤها بدعة، ويكفي المرء أن يكون عالما بأنه يصلي الصلاة المعينة من صبح أو ظهر أو غيرهما، ولو استحضر مع نية الصلاة الخاصة قصد التقرب إلى الله بها لكان خيرا له، فإن ذلك أحرى أن يزداد به خشوعه، قال الله تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ [البيِّنة: ٥]، وقال أهل المذهب إن وقت النية يكون ما بين النطق بالهمزة والراء من قول المصلي الله أكبر، فإن تأخرت عن ذلك فلا تجزئ، وكذا إن تقدمت بكثير، ولا يضر عزوب النية في أثناء الصلاة، ولا ريب أن استصحابها هو الكمال، قال بعض العلماء: ولهذا المعنى شرع التكبير في الانتقال وكذا التسميع والتحميد حتى يتذكر به المرء النية فيتجدد له الحضور والخشوع الذي هو لب الصلاة، قال الله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢)﴾ [المؤمنون: ١ - ٢].
وقد رد ابن العربي في أحكام القرآن على من ذهب إلى إجزاء النية إذا تقدمت على الصلاة قياسا على ما ذهب إليه بعض العلماء في الوضوء فقال بعد كلام:«ويا لله للعالمين من أمة أرادت أن تكون مفتية مجتهدة فما وفقها الله ولا سددها، اعلموا رحمكم الله أن النية في الوضوء مختلف في وجوبها بين العلماء، وقد اختلف فيها قول مالك، فلما نزلت عن مرتبة الاتفاق سومح في تقديمها في بعض المواضع لأن أصلها قد لا يجب، فأما الصلاة فلم يختلف أحد فيها، وهي أصل مقصود، فكيف يحمل الأصل المقصود المتفق عليه على الفرع التابع المختلف فيه؟، هل هذا إلا غاية الغباوة؟، فلا تجزئ صلاة عند أحد من الأئمة حتى تكون النية فيها مقارنة للتكبير»، انتهى.