للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انتهى.

قال كاتبه: ويقوي عدم الزيادة ما جاء من التوقيت في ذلك على ما فيه من ضعف، ومن ذلك ما رواه مالك في الموطإ عن يحيى بن سعيد أن رجلا سلم على عبد الله بن عمر فقال: «السلام عليك ورحمة الله وبركاته والغاديات والرائحات»، فقال له عبد الله بن عمر: «وعليك ألفا، ثم كأنه كره ذلك».

قلت: وجاء ذلك في ردّ الصحابة السلام على النبي كما رواه البخاري في التاريخ الكبير عن زيد بن أرقم قال: «كنا إذا سلم النبي علينا قلنا: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته، وهو في الصحيحة برقم (١٤٤٩)، وقد قيل إن الألباني رجع عن تصحيحه، وقد كتب الشيخ الأستاذ المجذوب الجزائري المقيم في المدينة رسالة نافعة في هذا الأمر ولم تطبع.

ومن الآداب العالية أن المرء إذا سئل عن حاله بعد السلام ورده أن يحمد الله تعالى، وقد روى مالك عن أنس أنه سمع عمر بن الخطاب وقد سلم عليه رجل فرد عليه السلام، ثم سأل عمر الرجل: «كيف أنت»؟، فقال: «أحمد إليك الله»، فقال عمر: «ذلك الذي أردت منك»، واقرأ هذه الكلمة لابن عبد البر يعلق على هذا الأثر وانتفع بها، حتى تتعود حمد ربك على كل حال، وتتعوذ بالله من حال أهل النار، ولا تفعل كما يفعل من لم يقدر الله حق قدره: «في هذا الخبر ما يدل على أن السنة المعمول بها في المجاوبة للسائل عن الحال حمد الله، والثناء عليه، فإن المسئول عن حاله لا ينفك عن نعمة الله، ظاهرة وباطنة، من صحة جسم، وصرف بلاء، وكشف كربة، وتفريج غم، ورزق يرزقه، وخير يمنحه، ذكر ذلك أو نسيه، فإذا سئل عن ذلك فليحمد ربه، فله الحمد كله على كل حال، لا إله إلا هو الكبير المتعال»، انتهى، ونحمد الله تعالى أن المسلم عندنا متى سئل عن حاله كان أسبق الألفاظ إلى لسانه حمد الله، فلنذكر نعمة التوفيق هذه وليكن في ذكرنا لله والاعتصام به عزاء من كل فائت، وتعويض من كل مبتغى لا نقدر عليه، والله الهادي.

وقد اختلف هل يسلم على الذي يقرأ القرآن والمشتغل بالذكر والذي يأكل والذي بصدد الأذان والذي يُعْلَم أنه لا يرد، والظاهر أنه يسلم عليهم فإنه إذا كان مشروعا أن يسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>