٣٤ - «وكل ما قتله كلبك المعلم أو بازك المعلم؛ فجائز أكله، إذا أرسلته عليه».
ما يصطاد به ثلاثة أشياء: حيوان، وسلاح، وغيرهما كالفخاخ والشراك، لكن الثالث ليس مما يبحث في هذا الباب، لأنه حيث تمكن المرء من إمساك الصيد صار في حكم المستأنس فيذكى.
وقد تكلم هنا على الحيوان، وهو الكلب المعلم ومثله الفهد والطير، وهي الجوارح، قال الله تعالى في قوله: ﴿قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (٤)﴾ [المائدة: ٤]، وهو دال على أن من شرط إباحة الأكل أن نرسلها فتمسك علينا، ولا يكون هذا إلا إذا كانت تفقه التعليم، وقيد الأكل بأن نذكر اسم الله عليه أي حال الإرسال، فشروط ما يصاد به من الحيوان منتزعة من القرآن.
ودليل ذلك من السنة؛ حديث أبي ثعلبة الخشني قال: قلت يا رسول الله، إنا بأرض صيد، أصيد بقوسي، وبكلبي المعلم، وبكلبي الذي ليس بمعلم، فما يصلح لي؟، فقال:«ما صدت بقوسك، فذكرت اسم الله عليه؛ فكل، وما صدت بكلبك المعلم، فذكرت اسم الله عليه؛ فكل، وما صدت بكلبك غير المعلم، فأدركت ذكاته؛ فكل»، رواه البخاري (٥٤٧٨) ومسلم، وقوله في القوس والكلب المعلم فكل، يعني ولو مات بذلك، وقوله عن الكلب غير المعلم فأدركت ذكاته فكل؛ يعني إن ذكيته فكل، وإلا فلا، إذ لا عبرة بصيد الجارح غير المعلم لأنه يشمله قول الله تعالى: ﴿وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ﴾، ومشهور المذهب أن الذكاة إنما تنفع فيه إن لم تنفذ مقاتله، وهو منصوص المدونة عن مالك، وجاء في الموطأ خلافه وهو الصواب إن شاء الله، وفيه (١٠٦٢) عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول في الكلب