للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي المستحاضة ثلاث سنن:

أولها: حديث عائشة أن فاطمة بنت أبي حبيش جاءت إلى رسول الله فقالت: «إني امرأة أستحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟، قال: «إنما ذلك عرق، وليست بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة؛ فدعي الصلاة، فإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي، وفي رواية «فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي» (١)، وقوله عرق؛ يعني ليس حيضا ينزل من الرحم، بل هو من عرق ينزف، فهذا الحديث فيمن كانت لها عادة تعلم قدرها، فأمرها أن تمسك عن الصلاة قدر عادتها، ثم هي طاهر، لكن إذا كانت عالمة بعادتها وميزت، فأي الأمرين تقدم: العادة أم التمييز، الظاهر من الحديث في قوله فإذا ذهب قدرها عملها بالعادة؛ لأنها غير مميزة، فلا مانع من أنها إذا علمت العادة مع التمييز أن تقدم التمييز.

وثانيها: حديث عائشة أن فاطمة بنت أبي حبيش كانت تستحاض فقال لها رسول الله : «إن دم الحيض دم أسود يعرف، فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة، فإذا كان الآخر فتوضئي وصلي» (٢)، قوله يعرف هو بضم الياء وكسر الراء أي له رائحة مميزة يعرف بها، وقيل إنه مبني للمجهول، فيكون أعم من السابق، فتدخل الرائحة واللون والتحاليل المعاصرة، وهذا الحديث فيمن استحيضت وكانت تميز بين الدمين، ولا تعرف عادتها أو نسيتها.

وثالثها: حديث حمنة بنت جحش قالت: كنت أستحاض حيضة كثيرة شديدة فأتيت النبي أستفتيه، فقال: «إنما هي ركضة من الشيطان، فتحيضي ستة أيام، أو سبعة أيام، ثم اغتسلي، فإذا استنقأت فصلي أربعة وعشرين أو ثلاثة وعشرين، وصومي وصلي، فإن ذلك يجزئك، وكذلك فافعلي كل شهر كما تحيض النساء،،، الحديث (٣)، وقوله تحيضي؛ معناه اعتبري نفسك حائضا، بحيث تمتنعين عما لا يجوز للحائض، ولعلها تراعي في الأيام التي تتحيضها تقدمها وتأخرها في كل شهر بحسب عادتها، فإن الحائض تختلف مواقع أيام


(١) رواه مالك (١٣٢) والشيخان، وأبو داود (٢٨٢)، وهذا لفظه.
(٢) رواه أبو داود (٢٨٦) والنسائي.
(٣) رواه أبو داود (٢٨٧) والترمذي وصححه.

<<  <  ج: ص:  >  >>