للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يمسح على عمامته وخفيه».

وروى مسلم من حديث المغيرة بن شعبة أنه غزا مع رسول الله غزوة تبوك، فذكر القصة وفيها: «ثم مسح بناصيته وعلى العمامة،،،»، والناصية مقدم شعر الرأس، لكن هذا لا يحتج به على أن مسح الرأس يجزئ فيه بعضه كما هو واضح، بل يحتج به على فعل نحو ما فعل النبي بأبي هو وأمي، فتجوز كل من الصفات الثلاثة، والمذهب أن ذلك لا يسوغ من غير عذر.

لكن ابن ناجي في شرحه لرسالة ابن أبي زيد لم ير تقييد ذلك بالعذر، فقال: «وقول أحمد بن حنبل أقرب، وهو الذي يميل إليه بعض أصحابنا لأن الأصل عدم الأعذار، وكونه داوم على غيره؛ لا يدل على قول أهل المذهب، لأن مداومته إن فعله مرة واحدة تدل على الإباحة»، وهذا كلام في غاية القوة.

وقد ترجم البخاري بقوله: (باب مسح الرأس كله، لقوله تعالى: ﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ﴾)، فإن قيل: الباء للتبعيض فيكفي مسح البعض، قيل: فعل النبي مبين للقرآن، وهو يدل على أنها ليست للتبعيض، فيحتمل أنها زائدة، أعني صلة، والأولى اعتبارها للإلصاق، ومؤداهما واحد في مطلوبية استيعاب الرأس كما تقدم في غسل اليدين والرجلين.

أما ما بينه المؤلف من الكيفية؛ فإن البدء بمقدم الرأس هو المشهور وهو الوارد في الصحيح في صفة المسح، والقول الثاني يبدأ من وسط الرأس، والثالث يبدأ من مؤخره، ومراده بالصفة التي ذكرها استيعاب مسح الرأس، وهي وافية بالمراد، لكنها ليست متعينة، وهكذا ما يتعلق بأخذ الماء للرأس، فإن الكيفية الأولى التي ذكرها، هي لابن القاسم، والثانية وهي قوله: ولو أدخل يديه في الإناء ورفعهما مبلولتين،،،»؛ لمالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>