٦٠ - «والخلع طلقة لا رجعة فيها وإن لم يسم طلاقا؛ إذا أعطته شيئا فخلعها به من نفسه».
لما كان الخلع طلاقا في المذهب؛ ذكره هنا للمناسبة، وسيذكر بعض أحكامه عقب اللعان، فاقرأ ذلك الموضع لتكتمل عندك بعض أحكامه، وقد سلك المصنف هذا المسلك في مواضع كثيرة، والشرح تابع للمشروح، يقال خلع الرجل ثوبه ونعله خلعا بفتح الخاء إذا نزعه، والخلع بضم الخاء الاسم منه، ولما كانت الزوجة بمثابة اللباس للرجل؛ سمي الاتفاق معها على مفارقتها نظير عوض؛ خلعا، لكن ضمت خاء «مصدره تفريقا بين الحسي والمعنوي»، قاله الحافظ في الفتح، وإنما يشرع الخلع إذا لم يضار الرجل زوجته، بحيث يثبت ذلك عليه، فإن ثبتت مضارته لها، ولم يكف عن ذلك؛ كان عليه أن يفارقها من غير عوض، فإن أعطته عوضا لتفك نفسها منه؛ فلا يحل له أخذه، وإن لم يضارها؛ غير أنها لم ترغب في البقاء في عصمته لنفرة طبعها منه، وكراهتها له، أو لكثرة الشقاق والخلاف بينهما مع تعذر إصلاحه؛ ساغ لها أن تفتدي منه، فتخالعه على شيء تعطيه إياه ويفارقها، لا فرق في المذهب أن يكون مثل الصداق أو أقل أو أكثر، لعموم قوله تعالى: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾، أما أن تطلب منه الطلاق أو الخلع من غير ما بأس؛ فلا يجوز ذلك لها، فحديث «المختلعات هن المنافقات»، الذي رواه الترمذي (١١٨٦) عن ثوبان وضعفه، وصححه الألباني؛ مخصوص بما دل عليه قول الله تعالى: ﴿وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾، ولأن أخذ الزوج ذلك مشمول بقوله تعالى: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (٤)﴾ [النساء: ٤].
فإن قال قائل: ما وجه إعطائها إياه شيئا في مقابل فراقها؟، فالجواب: أن هذا حكم