والربا بالقصر، ولعل أصله المد - يقال ربوان ورباءان - هو الزيادة، بقال ربا الشيء يربو إذا زاد، ومثله الرماء بالراء المكسورة والميم، كما جاء في حديث عمر موقوفا عند مالك (١٣٢٢) قال: «لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الذهب بالورق أحدهما غائب والآخر ناجز، وإن استنظرك إلى أن يلج بيته فلا تنظره، إني أخاف عليكم الرماء»، انتهى.
والربا أنواع ثلاثة: ربا الجاهلية، وربا النسيئة، وربا الفضل، فربا النسيئة هو بيع ربوي بربوي من جنسه أو من غير جنسه مؤجلا، غير أن أهل المذهب وسعوا ربا النسيئة ليشمل المطعومات غير المقتاتات، وربا الفضل هو بيع ربوي بربوي من جنسه متفاضلا، فدائرته أضيق، ويدرج بعضهم ربا الجاهلية في ربا النسيئة بالنظر إلى التأجيل المقابل للزيادة، وفصله عنه أولى، وربا الجاهلية فيه ربا الفضل أيضا، غير أن اسم النسيئة غلب عليه، لأن أصله أن ينسأ له في الأجل مقابل الزيادة في الدين، والمذهب أن كل ما يدخله ربا الفضل فإن ربا النسيئة يدخله، وليس كل ما يدخله ربا النسيئة يدخله ربا الفضل، ومن أنواعه ربا المزابنة، وهي من الزبن، بفتح الزاي وبعض أهل المذهب منهم التتائي وأبو الحسن أضافا قسما آخر هو ربا المزابنة، وهي من الزبن، بفتح الزاي وسكون الباء، وهو الدفع، لأن كلا من المتبايعين يدفع صاحبه عما يريده، قال الباجي:«ولعله أن يكون مأخوذا من الزبن وهو الدفع عن البيع الشرعي، وعن معرفة التساوي»، انتهى، ولهذا سميت الحرب القوية الشديدة بالزبون، قال:
فدت نفسي وما ملكت يميني … فوارس صدقت فيهم ظنوني
فوارس لا يهابون المنايا … إذا اشتدت رحا الحرب الزبون
وربا المزابنة عندهم هو بيع معلوم بمجهول من جنسه، وأولى منه بالمنع بيع مجهول بمجهول منه، فيظهر أنه إن كان عوضاه ربويين فهو