يريد حرمة سماع آلات اللهو والغناء، فالملاهي كالعود والطنبور والمزمار وسائر أصوات آلات الموسيقى مسجلة كانت، أو مسموعة مباشرة من الفاعل، فالملاهي في كلام المؤلف هي المعازف، وسيأتي ذكرها بعد.
وقد استثني الدف - بضم الدال وفتحها - في النكاح، ويسمى الغربال للنص عليه، فقد روي في ذلك قول النبي ﷺ:«أعلنوا هذا النكاح، واجعلوه في المساجد، واضربوا عليه بالدفوف»، رواه الترمذي وابن ماجة عن عائشة، وسنده ضعيف، لكن إعلان النكاح ثابت مطلوب، فقد روى أحمد وابن حبان والحاكم الجملة الأولى عن عبد الله بن الزبير، وروى أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة عن محمد ابن حاطب مرفوعا:«فصل ما بين الحرام والحلال ضرب الدف، والصوت في النكاح»، وروى البخاري عن خالد بن ذكوان قال: قالت الربيع بنت معوذ بن عفراء: «جاء النبي ﷺ يدخل حين بُنِيَ علي، فجلس على فراشي كمجلسك مني، فجعلت جويريات لنا يضربن بالدف ويندبن مَنْ قُتِلَ مِنْ آبائي يوم بدر، ثم قالت إحداهن: «وفينا نبي يعلم ما في غد»، فقال:«دعي هذه وقولي بالذي كنت تقولين»، يندبن؛ أي يذكرن محاسن الموتى ويثنين عليهم، دعي هذه، أي اتركي مدحي لما فيه من الإطراء المنهي عنه، لاسيما علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، ولا يُطلع عليه الله إلا من ارتضى من رسول.
فضرب الدف إنما يرخص فيه في النكاح، والغناء في العيد إن كان فهو للجواري وهن لسن مكلفات، فيجوز الضرب بالدف للنساء في النكاح لمصلحة إظهاره وإفشائه، ومشهور المذهب الضرب به في النكاح ولو من الرجال، قال خليل عاطفا على المكروهات بالنفي:«لا الغربال ولو لرجل، وفي الكَبَر والمزهر ثالثها يجوز في الكبر، ابن كنانة: وتجوز الزمارة والبوق»، انتهى، يعني لا يكره الضرب بالغربال وهو الدف المعروف بالطار، وهو المغشى