أولها: العاقدان وهما الراهن أعني معطي الرهن وهو المدين، والمرتهن وهو قابض الرهن وهو الدائن، وينبغي أن يكونا ممن يصح منهما البيع، ويتوقف اللزوم إن كان الراهن صبيا أو عبدا أو سفيها على إجازة أوليائهم.
والثاني: المرهون، وشرطه أن يكون مما يتأتى استيفاء كل الدَّيْنِ أو بعضه من ذاته أو من ثمنه أو من منافعه، ويجوز أن يكون الرهن بالمشاع وبما فيه غرر لما تقدم.
والثالث: المرهون به، وينبغي أن يحوز أمرين أن يكون دَيْنًا في الذمة يمكن استيفاؤه من الرهن، فلا يصح الرهن في معين، ولا في منفعة المعين، وأن يكون ذلك الدَّيْنُ لازما أو صائرا إلى اللزوم، كالجعل بعد العمل لا قبله.
والرابع: الصيغة ولا يتعين لفظ في الإيجاب والقبول من العاقدين بل كل ما دل على ذلك أجزأ.
ولما كان الرهن وثيقة بحق اشترط في تمامه القبض، لا في صحة عقده، لأن بالقبض يختص المرتهن به، دل على ذلك قول الله تعالى: ﴿فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾، حيث جعل صفة القبض لازمة له، ولأنه باق على ملك صاحبه، قال في السيل الجرار:«فلا يثبت به الحق للمرتهن إلا بالتراضي مع القبض»، انتهى، وفائدة ذلك أنه إن لم يقبضه لا يختص به من بين الغرماء ولو جد في قبضه بخلاف ما تقدم في الهبة والصدقة من كفاية الجِدّ في حوزهما، فإن تراخى في قبضه حتى أفلس الراهن أو مات بطل، قال خليل عاطفا على ما يبطل الرهن:«وبموت راهنه أو فلسه قبل حوزه ولو جَدَّ فيه»، انتهى، لكن لا يشترط أن يقبضه الدائن، بل يصح أن يقبضه أمين إن امتنع الراهن من تسليمه للمرتهن، والرهن واحد من أمور عدة لا تتم إلا بالحيازة منها الهبة والعمرى والحبس والنُّحْلَة والعَرِيّة والإخدام وغيرها.