المكروه من الصيام:«وكره كونها البيض، كستة من شوال»، وقال عن الجائز من الصوم وقيل بل هو المندوب لأن العبادة لا تقع مباحة:«وصوم دهر وجمعة فقط»، انتهى
ومما يذكر هنا صوم ستة أيام من شوال، وفيها حديث أبي أيوب الأنصاري عن النبي ﷺ أنه قال:«من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر»، رواه أحمد ومسلم وأصحاب السنن، وقال ابن العربي في المسالك:«كره مالك الأخذ بهذا الحديث مخافة أن يلحق برمضان ما ليس منه من أهل الجاهلية والجفاء، ولو صام ستة أيام في المحرم لكان أفضل له، وليس لتعينها بشوال معنى غير أن فيه تحصيل العمل وقصر الأمل»، انتهى، ولعله أراد بقوله:«ليس لتعينها بشوال معنى»؛ أن مضاعفة الحسنة بعشر أمثالها لا يتوقف على هذا الحديث فإنه أمر متقرر بأدلة قرآنية وحديثية كثيرة، ثم وجدته صرح به في قوله في العارضة:«وصلة الصوم بأيام شوال مكروهة جدا، لأن الناس قد صاروا يقولون شيع رمضان، وكما لا يتقدم له لا يشيع، ومن صام رمضان وستة أيام من أيام الفطر له صوم الدهر قطعا بالقرآن، كان من شوال أو من غيره، وربما كان من غيره أفضل، أو من أوسطه أفضل من أوله، وهذا بين وهو أحوى للشريعة، وأذهب للبدعة، ورأى ابن المبارك والشافعي أنها في أول الشهر ولست أراه، ولو علمت من يصومها أول الشهر وملكت الأمر أدبته وشردت به، لأن أهل الكتاب بمثل هذه الفعلة وأمثالها غيروا دينهم وأبدوا رهبانيتهم»، انتهى ببعض اختصار، وفي كلامه ﵀ بعض المبالغة، فمالك لم يترك هذا الحديث لمجرد أن فيه التطوع بالصوم لأنه إذا كان صوم الدهر عنده مشروعا فكيف بجزء منه؟، بل إن مرد ما ذهب إليه ما أشار إليه ابن العربي من وصله بشوال، وهذا أمر نعيشه اليوم نسمع الناس يقولون فلان أنهى صيام الأيام (البيض)، وبعضهم يقول فلان عَيَّدَ، وبعضهم يعد الحلوى ليوم عيده، ويقولون لما ذا لم يصم فلان؟، وهكذا، والأمر الثاني أن المضاعفة المذكورة في الحديث عليها أدلة قرآنية وحديثية كثيرة فلا خصوصية لصوم لستة أيام من شوال، وعليه يكون صوم تلك الأيام في شوال وفي غيره سواء في الأجر، والثالث أن تلك المضاعفة يحتمل أنها خاصة بشوال بمعنى أن من فعل ذلك مرة في عمره كان كمن