استدل المؤلف بهذه القاعدة على ما تقدم وعلى ما يأتي مما مثل به، وهي نص حديث رواه مالك في الموطإ (١٤٢٦) أول باب (القضاء في المرفق) عن عمرو بن يحي عن أبيه مرسلا، ووصله الدارقطني (ح/ ٨٥) في كتاب الأقضية من سننه عن أبي سعيد ﵁، ورواه الحاكم والبيهقي من حديثه، وهو في صحيح الجامع الصغير للألباني من رواية أحمد والبيهقي عن ابن عباس، ومن رواية الأخير عن عبادة.
ومعنى الحديث منع الضرر من طرف واحد، ومن الطرفين على وجه المجازاة، وقيل إن الجمع بينهما توكيد، والحق أنهما متغايران بمعنى الفعل والمفاعلة، أي لا تضرن أحدا، ولا تضاره إن ضارك، وهو قاعدة عظيمة من قواعد الشرع الحنيف، وهي أن الضرر يزال، وقد جاء الوعيد الشديد والتهديد الأكيد للمضار والمشاق في قول رسول الله ﷺ:«من ضار أضر الله به، ومن شاق شق الله عليه»، رواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة (جة/ ٢٣٤٢) عن أبي صرمة، وجاء ذلك في كتاب الله في غير موضع في مضارة الزوجة والورثة، قال الله تعالى: ﴿لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ (٢٣٣)﴾ [البقرة: ٢٣٣]، وقال تعالى: ﴿غَيْرَ مُضَارٍّ (١٢)﴾ [النساء: ١٢]، وقال تعالى: ﴿وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ (٦)﴾ [الطلاق: ٦].