المقتول، وانضم إليها ما يلزم من اللوث الذي سيأتي بيانه.
ومعنى القسامة الأيمان التي توزع على أولياء القتيل المدعين للدم، وقد وَقَّتَهَا الشارع بخمسين يمينا يحلفها أولياء القتيل فيثبت لهم الدم، والدليل على ثبوت الدم بالقسامة حديث سهل بن أبي حثمة أنه أخبره رجال من كبراء قومه أن عبد الله بن سهل ومحيصة خرجا إلى خيبر من جَهد أصابهم، فأتى محيصة فأخبر أن عبد الله بن سهل قد قتل، وطرح في فقير بئر أو عين، فأتى يهود فقال:«أنتم والله قتلتموه»، فقالوا:«والله ما قتلناه»، فأقبل حتى قدم على قومه فذكر لهم ذلك، ثم أقبل هو وأخوه حويصة وهو أكبر منه وعبد الرحمن فذهب محيصة ليتكلم وهو الذي كان بخيبر فقال رسول الله ﷺ:«كَبّرْ، كَبّرْ»، يريد السن، فتكلم حويصة، ثم تكلم محيصة، فقال رسول الله ﷺ:«إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يأذنوا بحرب»، فكتب إليهم رسول الله ﷺ في ذلك، فكتبوا:«إنا والله ما قتلناه»، فقال رسول الله ﷺ لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن:«أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم»، فقالوا:«لا»، قال:«أفتحلف لكم يهود»؟، قالوا:«ليسوا بمسلمين»، فوداه رسول الله ﷺ من عنده فبعث إليهم بمائة ناقة حتى أدخلت عليهم الدار، قال سهل:«لقد ركضتني منها ناقة حمراء»، رواه مالك في الموطإ (١٥٩١) والبخاري ومسلم وغيرهما، وفيه من العلم:
خروج المرء في طلب الرزق، لكن الدار التي خرجوا إليها ليست دار كفر، فإن خيبر كانت قد فتحت وعامل النبي ﷺ اليهود فيها على الأرض كما تقدم في المساقاة، وفيه تقديم الكبير في الكلام وإن كان الصغير أعرف بما يتحدث فيه، وفيه الحكم بالدية على القوم يعلم أن امرءا قتل في محلتهم متى لم يعرف الجاني لكونهم متضامنين بعد قيام الأولياء بالقسامة، وفيه مخالفة المعروف من أن على المدعي البينة وعلى المنكر اليمين، فخولف هنا لوجود اللوث وللاحتياط للدماء، وقد ثبت ما يدل على خلاف ذلك مما يجري على الأصل وهو حلف المدعى عليهم متى لم تكن بينة، وفيه استحقاق أولياء