بالزواج، لكونه هو الذي تجدد به الأنساب؛ شرع لهم الطلاق لفك تلك الرابطة؛ لحكمة له في ذلك، فقد يحصل بين الزوجين من عدم الملاءمة بنفرة الطبع، أو بالمضارة من الزوج، أو بنشوز الزوجة مع تعذر الإصلاح، أو بظهور فساد ما في أحدهما لم يكن معلوما، أو لغير ذلك مما لا يتحقق معه مقصد الشرع من النكاح، من العفة بتحصين الفرج، وغض البصر، والسكن والمودة والرحمة، فالطلاق في الأصل؛ علاج متى لم يتمكن من العلاج بغيره، فإذا بلغ الأمر هذا المبلغ؛ فليذهب كل منهما لحال سبيله، قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا (١٣٠)﴾ [النساء: ١٣٠]، وقد حض الله ﷿ الأزواج على معاشرة النساء بالمعروف والصبر على ما قد يكونون عليه من الكراهة لهن، فقال الله تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (١٩)﴾ [النساء: ١٩]، قال ابن عباس:«هو أن يعطف عليها، فيرزق منها ولدا»، وقد روى مسلم (١٤٦٩) عن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: «لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها غيره»، وقوله لا يفرك كفرح في الضبط أي لا يبغض، فهو حض على حسن الصحبة والعشرة، وأمرهم بتقوى الله فيهن، ونهى عن مضارتهن، ونهى المرأة أن تسأل زوجها طلاقها من غير داع كما في قوله ﷺ:«أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس؛ فحرام عليها رائحة الجنة»، رواه أبو داود (٢٢٢٦) والترمذي (١١٨٧) وحسنه، وابن ماجة وغيرهما عن ثوبان، وشدد النبي ﷺ في مخالعة المرأة زوجها بقوله:«المختلعات هن المنافقات»، وهو في سنن الترمذي (١١٨٦) عن ثوبان أيضا، وضعفه، وصححه الألباني، لكن لا ريب أن الخلع مع الحاجة إليه؛ مشروع كما دل عليه كتاب الله، ونهى الشرع عن الطلاق في الحيض وفي الطهر الذي مست المرأة فيه، نعم، إن ساءَ خلق المرأة، ولم يتيسر إصلاحه فالطلاق متعين، وقد قال رسول الله ﷺ: «ثلاثة يدعون فلا يستجاب لهم: رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها، ورجل كان له على رجل مال فلم يشهد عليه، ورجل آتى سفيها ماله، وقد قال الله ﷿:(ولا تؤتوا السفهاء أموالكم)»، رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين برقم (٣١٨١)، وهو في الصحيحة برقم (١٨٠٥).